كلمة رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد في مؤتمر القمة العربية الاعتيادية بدورتها (33) التي تقام في العاصمة البحرينية المنامة يوم 16 آيار 2024.
………………………….
صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المحترم
اصحاب الجلالة والفخامة والسمو والمعالي المحترمون
معالي الأخ احمد ابو الغيط الامين العام لجامعة الدول العربية المحترم
السادة الحضور
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
لمن دواعي السرور أن نكون بينكم اليوم في المنامة العزيزة، للمشاركة في اعمال الدورة الثالثة والثلاثين لمجلس قمة جامعة الدول العربية وأنتهز هذه الفرصة لأتقدم باسمي وباسم الشعب العراقي الى جلالتكم والى الشعب البحريني الشقيق على حسن الاستقبال وكرم الضيافة، كما اتقدم لجلالتكم بالتهنئة لترؤسكم مجلسنا هذا على مستوى القمة في دورتها الثالثة والثلاثين، وكلنا أمل وثقة بقدرة شخصكم الكريم على إدارة اعمال هذه القمة بكل حكمة خدمة للعمل العربي المشترك.
كما لا يفوتني ان اتقدم بجزيل الشكر الى خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية، وإلى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي عهد المملكة العربية السعودية، على حسن إدارة أعمال القمة العربية في دورتها الثانية والثلاثين.
كذلك الشكر الجزيل الى معالي الاخ احمد ابو الغيط الامين العام لجامعة الدول العربية وللعاملين بالأمانة العامة لجامعة الدول العربية على جهودهم في الاعداد لاجتماعنا هذا واسهاماتهم الفاعلة في تحقيقها.
اصحاب الجلالة والفخامة والسمو والمعالي
نلتقي اليوم بالتزامن مع استمرار تداعيات العدوان الذي يشنه الكيان الصهيوني على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، في انتهاك سافر لأحكام القانون الدولي والإنساني ودمار استباح دماء الأبرياء، سيما الأطفال والنساء والشيوخ، وأدى إلى استشهاد واصابة وتشريد أكثر من مئة ألف فلسطيني وبشكل ممنهج ووحشي وبما يُعد ابادةً جماعيةً بكل المقاييس.
ومن هنا نجدد موقف العراق الثابت حكومةً وشعباً تجاه القضية الفلسطينية، مؤكدين دعم العراق لصمود الشعب الفلسطيني في مواجهة هذه الاعتداءات الوحشية المستمرة، وعلى تضامن العراق المطلق مع الشعب الفلسطيني في تحقيق طموحاته وتطلعاته ونيل كامل حقوقه المشروعة بإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وفقاً لقرارات الشرعية الدولية واستعادة الاراضي المحتلة كافة.
يدعم العراق كل تطور إيجابي يسهم في وقف النزاع الداخلي في سوريا، ويجدد موقفه الداعي الى الحفاظ على وحدة أراضيها والعمل على تطهيرها من كل ما يزعزع الأمن والاستقرار فيها مع اعادة الاعمار وتوفير الحياة الحرة الكريمة للشعب السوري الشقيق.
أما بشأن ما يجري في جمهورية السودان، فإننا ندعو جميع الاطراف المتنازعة الى وقف جميع اعمال العنف واللجوء الى الحوار للتوصل إلى حل حقيقي للازمة، ونؤكد إن ما وصلت إليه الأمور في هذا البلد العزيز من نزاع مؤسف بين الأشقاء سوف لن يؤدي إلا الى المزيد من التداعيات السلبية على أمن واستقرار المنطقة.
وهنا يؤكد العراق دعمه لتحقيق الاستقرار السياسي في جمهورية السودان الشقيق واستعادة مسار التحول المدني عبر قيام الأطراف المدنية والعسكرية بترك الخلافات وترجيح كفة المصلحة العامة خدمة لمصالح الشعب السوداني الشقيق.
يجدد العراق حكومةً وشعباً دعمه الكامل ووقوفه إلى جانب أشقائه في لبنان لتجاوز التحديات الاقتصادية وآثار الأزمات الإقليمية والعالمية، كما يدعم العراق جميع الجهود الرامية لحل الخلافات السياسية وبناء جسور الثقة في البلاد من أجل الوصول إلى الاستقرار السياسي والاقتصادي وتحقيق تطلعات الشعب اللبناني الشقيق.
كما يساند العراق جميع الجهود الداعية إلى إعادة الأمن والاستقرار في ليبيا وتحقيق المصالحة الوطنية فيها، واعتماد الخيار السياسي والحوار البناء بين الأطراف السياسية لإيجاد رؤية وطنية تجمع الأشقاء الليبيين وتقود الى السلام والتقدم والازدهار لتحقيق آمال الشعب الليبي الشقيق على الصعد السياسية والأمنية والاقتصادية.
ويدعم العراق جميع الجهود الرامية إلى إيجاد حل سياسي يحافظ على وحدة وسيادة اليمن الشقيق، ويدعم أية خطوات بهذا الاتجاه لضمان حقوق الشعب اليمني وتحقيق تطلعاته في الاستقرار والسلام والازدهار.
ويؤكد العراق موقفه الراسخ القائم على الاحترام الكامل لوحدة وسيادة جمهورية الصومال الفيدرالية على كامل أراضيها، ويجدد دعمه لها في مساعيها لتحقيق الأمن والاستقرار في عموم البلاد خدمةً لأبناء شعبها العزيز.
أدعوكم أيها الأخوة، والمجتمع الدولي أيضا، الى التعاون الجاد لمساعدة البلدان التي تضررت جراء الكوارث الطبيعية والتغيرات المناخية الملحوظة كإزدياد مساحات التصحر وشح المياه. وأدعو كذلك الى الاسراع في وضع خطط مدروسة لدفع أخطار هذه التغيرات من خلال تنفيذ مقررات وتوصيات المؤتمرات المعنية بقضية البيئة وليس الاكتفاء بإصدارها وابقائها حبرا على الورق.
اصحاب الجلالة والفخامة والسمو والمعالي
ينطلق العراق في علاقاته الخارجية وفق ثوابت اهمها مبدأ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية واحترام سيادة الدول الأخرى، وفي الوقت ذاته يرفض رفضا قاطعا الانتهاكات التي تطال سيادة العراق وسلامة اراضيه ومواطنيه الآمنين تحت أي ذريعة، واستخدام اراضيه ساحة لتصفية الحسابات، أو أن تكون دماء أبنائه وسيلة لتحقيق أغراض سياسية لأي طرف، فإنه يحذر بأن استمرار تلك الانتهاكات وردود الافعال المتقابلة سوف يزعزع استقرار المنطقة بالكامل التي دفع ابناء العراق تضحيات كبيرة لتحقيقه ودحر آفة الارهاب نيابة عن العالم أجمع.
يشهد العراق اليوم ثورة اقتصادية وخدمية تتبناها حكومته في افتتاح المشاريع وتقديم الخدمات الجديرة بأبناء شعبه، وبذلك أجدد الدعوة لأشقائنا إلى تعزيز فرص التعاون الاقتصادي والاستثماري في ظل مقومات النجاح السياسية والمادية والبشرية التي يمتلكها العراق بوصفه بيئة استثمارية مهيأة للوصول إلى التكامل الاقتصادي وتحقيق تطلعاتنا جميعاً بتعزيز العمل المشترك، وكلي أمل بأن تجسد قمتنا هذه ارادة شعوبنا لننهض نحو تحقيق أهدافنا ونوحد كلمتنا لنتناول قضايانا من موقع المبادرة وبكل منطق وحكمة.
وفي الختام أود أن أعبر عن شكرنا وامتناننا الى الجمهورية العربية السورية الشقيقة لقبولها التنازل عن الدورة العادية الرابعة والثلاثين عام 2025 لصالح العراق، وننتظر بفارغ الصبر الى الترحيب بالأشقاء في العاصمة بغداد، سائلاً الله أن يوفقنا جميعا لما فيه خير بلداننا، وأن نجتمع دوماً على وحدة الموقف والكلمة في وجه التحديات وصولاً الى المستقبل الذي تستحقه شعوبنا الكريمة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..