أعلن الحزب الديمقراطي الكردستاني، اليوم الإثنين، مقاطعة الانتخابات البرلمانية في إقليم كردستان العراق، فيما هدد ائتلاف إدارة الدولة بمغادرة العملية السياسية في العراق.
وجاء في بيان أصدره المكتب السياسي للحزب الديمقراطي، ما نصه أدناه:
جماهير شعب كردستان و العراق
من الثابت ان حزبنا ومنذ تأسيسه، ناضل من اجل الحصول على الحقوق المشروعة لشعب كردستان وترسيخ الديمقراطية، كهدفين متلازمين، للنظام السياسي في العراق ليتمكن شعبنا الكردي من تحصيل حقوقه المشروعة. من هذا المنطلق دعا الرئيس البارزاني، في الأيام الأولى للانتفاضة الربيعية عام 1991، إلى إجراء “انتخابات حرة” لضمان مكتسبات شعبنا والمحافظة عليها وممارستها في إطارها الصحيح، وكل ذلك لوضع الأساس لانبثاق وتأسيس مؤسسات ديمقراطية في الإقليم، لذلك كان حزبنا دوماً مدافعا قويا عن تأمين اسس وقواعد الانتخابات الحرة والنزيهة والتي تتمثل، على الاقل، في وجود قانون انتخاب عادل يؤمن تمثيل جميع اطياف وشرائح ومكونات شعب كردستان في البرلمان، وذلك بفتح باب التصويت والترشيح امام اكبر عدد من المواطنين وبأقل خسارة ممكنة للأصوات ويكون انعكاسا لرغبة وارادة المجتمع، هذا بالاضافة الى ايداع امر الاشراف على سير الانتخابات وادارتها الى مؤسسة مستقلة، محايدة، شفافة ذات خبرة، وذلك في جميع مراحل العملية الانتخابية، بحيث تحوز على ثقة المصوتين والاطراف المشاركة وتحافظ عليها وتقويها.
وبناء على شعورنا بالمسؤولية وبالمهام الملقاة على عاتقنا قمنا خلال الاعوام الماضية بالعمل مع الاطراف السياسية الاخرى في اقليم كردستان والعراق، لغرض اجراء جميع الانتخابات بشكل صحيح ودستوري، خاصة انتخابات الدورة السادسة لبرلمان كردستان في وقته، ومن اجل ذلك قمنا بالمشاركة الفعلية والجدية في جميع المناقشات والاجتماعات للاطراف السياسية في الاقليم والعراق، لغرض الوصول الى التفاهم، التوافق والاجماع على الامور المتعلقة بقانون الانتخابات، ولكن وبعد نقل ملف انتخاب برلمان كردستان الى المحكمة الاتحادية العليا وقيام المحكمة المذكورة بتأخير النظر في الدعوى لمدة طويلة دون مسوغ قانوني ودون مراعاة الحقوق الدستورية لشعب اقليم كردستان في ضرورة الاسراع في إجراء انتخاب مؤسسة هامة كالبرلمان، ومن ثمه إصدارها لقرارها بالعدد (83 وموحدتيها 131 و 185/اتحادية/2023) بتأريخ 21 شباط 2024، وتحديدا بعد صدور القرار بحيثياته حول قانون انتخاب برلمان كردستان والذي تضمن تفاصيل الخروقات الدستورية بحق الاقليم وهو امتداد لسلسلة من قراراتها غير الدستورية ضد الاقليم وذلك خلال السنوات الاربع الماضية، وفي نفس الوقت فأن الذي لاحظناه في القرار، وهذا ما حذرنا الرأي العام منه في حينه، انه عبارة عن خرق فاضح وخطير للدستور وإجهاض للنظام الديمقراطي في الاقليم، و محاولة للعودة بالعراق الى نظام الحكم المركزي،
وهذه الخروقات يمكن ملاحظتها في الأمور التالية:
1) قيام المحكمة الاتحادية بتعديل المحاور الاساسية الهامة لقانون انتخاب برلمان كردستان وذلك في المواد الخاصة بتحديد نظام الدوائر الانتخابية وكوتا المكونات وعدد المقاعد والجهة المشرفة على الانتخاب والجهة المختصة بالبت في الطعون الانتخابية اضافة الى خرقها للمادتين (117 و 121) من الدستور الخاصتين باستقلالية المؤسسة التشريعية في الاقليم، وفي نفس الوقت خرقها الفاضح للمادة (6) من الدستور التي تؤكد على التداول الديمقراطي للسلطة وفق الاسس والطرق الدستورية في الوقت الذي تعتبر هذه التعديلات سببا لتشويه النظام الديمقراطي.
2) قيام المحكمة الاتحادية بالغاء مقاعد كوتا المكونات في قانون انتخاب برلمان كردستان ادت الى خرق احدى ضمانات اجراء انتخابات حرة ونزيهة، تؤمن فرص المساواة والعدالة في الاقليم، لأنه اضافة الى كونه خرقا لرغبة وإرادة مواطني الاقليم في التعامل مع امر حساس كالتعايش والقبول الاخر الذي اصبح سمة مميزة لحالة الاستقرار والسلم الاجتماعي في الاقليم، فأنه من جانب اخر يتعارض مع المواد (49/ فقرة أولا) و (125) من الدستور وقانون انتخاب مجلس النواب ومجالس المحافظات في العراق والمادتين (2) و(25) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية (ICCPR) الذي وقع عليه العراق في عام 1971 وملزمة له، وجميع تلك المواد المنوه عنها تؤكد على مراعاة تمثيل جميع مكونات الشعب في المجالس المنتخبة ومشاركتهم في ادارة الامور العامة، سواء كان ذلك مباشرة او عن طريق ممثليهم المنتخبين.
3) اقصاء السلطة القضائية في الاقليم عن البت في الطعون الانتخابية التي جاءت في (الفقرة الرابعة من المادة السادسة/ مكرر) من قانون انتخاب برلمان كردستان واناطة هذه الصلاحية الى هيئة قضائية تتبع (مجلس القضاء الاعلى) الاتحادي، تجاوز خطير على السلطة القضائية في الاقليم ويعتبر خرقا لاستقلالية الاقاليم من جهة وخروجا على ماكان يتبع سابقا من قبل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات التي كانت تركن الى محكمة تمييز الاقليم للبت في الطعون الانتخابية.
4) تشكل القرارات المتتالية للمحكمة الاتحادية العليا انتهاكا لمبدأ الفصل بين السلطات، فقد وضعت نفسها مقام السلطتين التشريعية والتنفيذية، واناطت لنفسها من السلطات والصلاحيات مالم ينص عليه الدستور. خاصة حينما قررت الغاء قانون النفط والغاز لاقليم كردستان رقم (22) لسنة 2007 مستندة الى االمادة (110) من الدستور رغم عدم ورود نص خاص بالثروة النفطية فيها، مع كون الدستور قد افرد مادة خاصة بالنفط والغاز وهي المادة (112) تؤكد صراحة كيفية ادارة الثروة النفطية بصورة مشتركة بين السلطة الاتحادية والاقاليم، كما نصت المادة (115) على صلاحية الاقاليم بالتشريع في الاختصاصات المشتركة بين الحكومة الاتحادية والاقاليم وتكون الاولوية فيها لقانون الاقاليم في حالة الخلاف بينهما.
5) عدا هذه الخروقات الدستورية في قرارات المحكمة الاتحادية فأن بعض الاجراءات الاخرى غير الصحيحة في مجريات العملية الانتخابية للدورة السادسة لبرلمان كردستان تضع كامل العملية امام علامات استفهام جدية ومنها حرمان (400) الف ناخب والذي يعادل ما يقارب 20% من مجموع الناخبين في الاقليم والذين تم تسجيلهم عن طريق منظومة البايوميتري، من حق التصويت وذلك بحجة عدم قراءة الاجهزة الالكترونية لبصماتهم، وكذلك عدم احتساب مقاعد محافظة حلبجة بصورة عادلة.
6) بعد زوال النظام السابق، ثبت ان العراق، المتعدد القوميات، الاديان والطوائف لايمكن ان يدار بصورة صحيحة وصحية من قبل مكون واحد لذى فإن (الشراكة، التوافق والتوازن) اصبحت اساسا لاتفاق جميع الاطراف كي يصبح العراق ملكا للجميع ويشعر فيه المواطن بالمسؤولية، ولكن للاسف فإن سياسة الاقصاء والتدخل والتجويع وقطع الميزانية والرواتب وتطبيق مواد الدستور بصورة إنتقائية، خطوات تهدف الى و تحجيم مكانة الاقليم الدستورية واصبحت اساسا لادارة هذه الدولة ولكن وبالرغم من ذلك لم يتوقف حزبنا عن جهود لتعديل هذا الانحراف وشكل الحكم الذي هو مخالف للدستور ولكن حكام بغداد لم يظهروا حرصهم على تعديل هذه الانحرافات الدستورية .
عليه وكنتيجة للحقائق الآنف ذكرها في الاعلى وخرق بعض المواد الدستورية والاخذ بعين الاعتبار ان التشكيلة الحالية للمحكمة الاتحادية العليا غير دستورية وتريد بقرارات سياسية وغير دستورية أن تسلب المكاسب، التي نالها شعب كردستان بنضاله وكفاحه ودماء شهدائه والمؤنفلين وضحايا الاسلحة الكيمياوية.
ايها المواطنون الاعزاء
هنا نضع اطراف تحالف ادارة الدولة أمام مسؤولياتهم الوطنية في تطبيق الدستور وجميع بنود الاتفاق السياسي والاداري الخاصة بتشكيل الحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني، وبعكسه لا يمكننا الاستمرار في العملية السياسية.
ومن هنا نعلن للرأي العام الداخلي العراقي والدولي ومن منطلق الثقة بالنفس ودعم شعب كردستان لنا، حيث ومنذ عام 1992 ولحد الان وفي جميع الانتخابات التي جرت، كان حزبنا محل ثقة اكثرية شعب كردستان، فأننا الان ايضا لنا الثقة المطلقة بأنفسنا وبشعبنا بأننا القوة الاولى في كردستان، ولكن ومن منطلق فهمنا لموقعنا ومسؤوليتنا التاريخية في المحافظة على الحقوق المشروعة لشعب كردستان ونظامه الديمقراطي والاتحادي للعراق، وعدم اضفاء الشرعية على انتخاب غير دستوري وغير ديمقراطي والوقوف أمام جميع الخروقات الدستورية التي تمارس من قبل المحكمة الاتحادية ضد اقليم كردستان ومؤسساته الدستورية عامة والتعديلات غير الدستورية لقانون انتخاب الدورة السادسة لبرلمان كردستان خاصة، نرى ان من مصلحة شعبنا ووطننا عدم امتثال حزبنا لقرار غير دستوري ونظام مفروض من خارج إرادة شعب كردستان ومؤسساته الدستورية، وعدم الاشتراك في انتخاب يجري خلافا للقانون والدستور وتحت مظلة نظام انتخابي مفروض”.