أفصح مستشار رئيس الوزراء للشؤون الدستورية حسن الياسري، اليوم الثلاثاء، عن رؤيةٍ جديدةٍ ومختلفةٍ لتعديل الدستور، تضمنت الابتعاد عن قضايا الصراع السياسي، فيما أشار الى أنها لاقت استحسان الكتل السياسية التي عُرضت عليها .
وقال الياسري في حديث للوكالة الرسمية وتابعته(الرابعة)، إن "رئيس الوزراء محمد شياع السوداني تبنى مشروع تعديل الدستور الذي قدمته له، وإنَّ الوقت الآن مناسب للتعديل بعد مرور أكثر من سبعة عشر عاماً على إقرار الدستور، ولا سيما أنَّ العقلية العراقية الآن ، سواء على المستوى السياسي أو البرلماني أو الشعبي، قد تغيرت عن الحقبة التي كُتب فيها الدستور، وتضمنت تبني الكثير من الآراء والأفكار الجديدة".
وأوضح أن "الدستور لا يُكتب ويكون خالداً، بل ينبغي أن يتناسب مع تطلعات الأمة؛ لذا لا بد من إجراء التعديل عليه في مرحلةٍ ما كي ينسجم مع تلك التطلعات". مبيناً أن "الدستور عند إقراره أوجب إجراء التعديل عليه، ولهذا كانت هناك تجربتان لتعديله، الأولى في العام 2006 لغاية 2009 وسميت بلجنة مراجعة الدستور، وقد قامت بعملٍ جبارٍ وعظيم كادت فيه أن تتجاوز كل مسائل الخلاف لو أنها أُقرَّت، بيد أنَّ الخلافات الشديدة آنذاك والخلاف حول وضع كركوك أجهضت اللجنة وعملها".
وأضاف، أن "التجربة الثانية كانت في العام 2019 في أثناء حكومة عادل عبد المهدي وانبثاق التظاهرات الشعبية، إذ تم تبني مشروع تعديل الدستور من قبل رئاسة الجمهورية ومجلس النواب، بيد أنَّ هذه التعديلات وُئدت في مهدها ولم ترَ النور".
وأشار الى أن "مشروع تعديل الدستور الذي نتبناه الآن يختلف عن المشروعين السابقين، حيث تضمن رؤيةً وعقليةً ومنهجيةً مختلفةً بالكليَّة عن السابق، قائمةً على أسسٍ متعددةٍ، منها مثلاً الابتعاد عن فكرة تعديل مواد الدستور بالكامل من المادة الأولى لغاية المادة الأخيرة (144) ، لأنَّ التعديل الكلي يعني سنَّ دستورٍ جديدٍ ، وهو ما سيفضي إلى الكثير من العقبات والخلافات السياسية والبرلمانية والشعبية، كما حصل في التجربتين السابقتين".
واستطرد: "لذا يجب الإفادة من التجارب السابقة، فضلاً عن الاقتداء بأثر الدول المتقدمة مثل أميركا وفرنسا وألمانيا وأستراليا وإسبانيا وكندا، حيث إن تلك الدول، وغيرها من الدول المتقدمة والنامية، أجرت تعديلاً على نصوصٍ محددةٍ من الدستور، لا على الدستور بأسره"، منوهاً بأن "هنالك قضايا مفصلية وخلافية وإنَّ إجراء التعديل عليها سيولِّد صراعاً سياسياً لا محالة، ولن يحتمل البلد إضافة مشكلة ٍجديدةٍ على ما عنده من مشكلاتٍ ؛ ولهذا يقضي المنطق باجتنابها".
ولفت الى أن "فكرتنا قائمةٌ على أنَّ تعديل الدستور يجب أن يكون على وفق مبدأ التدرج ضمن مراحل، بحيث يتم في المرحلة الأولى- التي نحن فيها الآن- تعديل النصوص المتفق على ضرورة تعديلها من قبل الجميع ، كالمادة 76 مثلاً المتعلقة بتكليف مرشح الكتلة الأكثر عدداً ، التي يحصل بصددها اختلافٌ في كل دورةٍ برلمانية حول المقصود بها، هل هي الكتلة الفائزة في الانتخابات أو الكتلة التي تتألف بعدها في البرلمان، والمادة 70 المتعلقة باختيار رئيس الجمهورية بأغلبية الثلثين، التي حصل عليها خلافٌ شديدٌ في الانتخابات البرلمانية الأخيرة كادت توقع البلد في أتون الحرب الأهلية لا قدَّر الله ؛ لذا ينبغي أن نقوم بتحديد المقصود بهذين النصين بصورةٍ صريحةٍ يقطع دابر النزاع والاختلاف، ونحو ذلك. هذا فضلاً عن إعادة صياغة بعض نصوص الدستور التي تستوجب ذلك، منها مثلاً ما يتعلق بالهيئات المستقلة وتمييزها من الجهات غير المرتبطة بوزارة، إلى جانب إعادة النظر بمؤسسات العدالة الانتقالية".
وتابع، أنَّ "هذه الرؤية قمتُ بعرضها على رؤساء الجمهورية والبرلمان ومجلس القضاء الأعلى وزعماء الكتل السياسية، الشيعية والسنية، واستحصلت الموافقة المبدئية عليها، وإنَّ الحراك جارٍ لعرضها على الكتل السياسية الكردية".