أصبح الجفاف أحد أكبر الأخطار تهديدا للعديد من الدول العربية، مدفوعا بتغير المناخ وما أفرزه من ارتفاع كبير في درجة الحرارة ونقص الموارد المائية، ما ألقى بمواطني دول كثيرا ما اشتهرت بالزراعة ووفرة المياه بين أنياب العطش.
وفي أحدث تقرير له، حذر معهد الموارد العالمية من أن 25 دولة فى العالم تضم ربع سكان الأرض مهددة بشح المياه بسبب الإجهاد العالي لمواردها المائية المتاحة، من بينها 15 دولة عربية.
ويطلق "الإجهاد المائي الشديد" على البلد الذي يستخدم ما لا يقل عن 80% من إمداداته المتاحة، فيما يعني "الإجهاد المائى المرتفع" أنه يسحب 40% من إمداداته.
وعلى رأس قائمة الدول الأكثر تضررا التي أوردها التقرير، جاءت البحرين وقبرص وقطر والكويت ولبنان وعمان، كما تضم القائمة تونس والإمارات واليمن والعراق ومصر وليبيا والأردن والمملكة السعودية وسوريا.
سبب الأزمة بحسب التقرير، الذي صدر في وقت سابق من شهر أغسطس/آب الجاري، هو انخفاض فى العرض مقابل ارتفاع الطلب على المياه فى الاستخدام الزراعي والصناعي والمنزلي.
وحذر معهد الموارد العالمية من أن آثار شح المياه لن تتوقف عند المستهلكين والصناعات المعتمدة على المياه، بل قد تهدد الاستقرار السياسي فى مناطق من العالم، وتقود إلى موجة هجرة ونزوح واسعة.
العراق "إنذار للعالم أجمع"
في وقت سابق من أغسطس/ آب الجاري، حذّر المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، فولكر تورك، من أن "ما يواجهه العراق من ارتفاع في درجات الحرارة وجفاف هو بمثابة إنذار للعالم أجمع.
تصريحات فولكر جاءت في ختام زيارته إلى العراق الذي يعدّ من الأكثر عرضة لآثار التغير المناخي.
وقال تورك، خلال جولته في العراق، حيث بلغت درجات الحرارة قرابة الخمسين مئوية: "الحقول جرداء ورازحة تحت وطأة الجفاف".
تصريحات المسؤول الأممي ألقت بالضوء على بعض ما يعانيه العراق، الذي يواجه للعام الرابع على التوالي موجة جفاف شديدة، نتيجة تراجع معدل هطول الأمطار، وارتفاع درجات الحرارة، إضافة إلى سدود تبنيها الجارتان تركيا وإيران على منابع دجلة والفرات، حيث انخفض استهلاك الفرد العراقي من نهري دجلة والفرات بمقدار 38.7% للعام 2020-2021، مقارنة بالعام 2019-2020.
ويفقد العراق سنويا 100 ألف دونم (الدونم 1000م مربع)، جراء التصحر، كما أن أزمة المياه تسببت بانخفاض الأراضي الزراعية إلى 50% وفق تصريحات رسمية.
وتراجعت مساحة الأراضي المزروعة بالقمح والشعير خلال عام 2022، من 11 مليونا و600 ألف دونم إلى أقل من 7 ملايين دونم، وهي أقل نسبة زراعة للمحصولين منذ سنوات طويلة، وفق وزارة الزراعة العراقية.
والشهر الماضي، حذّرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) من أن منطقة الأهوار التاريخية جنوبي العراق تشهد "أشدّ موجة حرارة منذ 40 عاما"، متحدثةً كذلك عن "تراجع شديد لمنسوب المياه".
وقال ممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أوكي لوتسما، إن "مناطق الأهوار الأكثر عرضة لتأثيرات التغير المناخي"، منوها بأن "السنوات الأخيرة شهدت زيادة في درجات الحرارة ووصولها إلى أكثر من 55 درجة مئوية، ما زاد من تواتر وشدة نوبات الجفاف".