اعترض طريق هيفاء، وهي موظفة في العقد الخامس من عمرها، ثلاثة أشخاص عندما خرجت من منفذ صرف الراتب بعد استلام مرتبها الشهري، ليقنعوها باستبدال مرتبها بعملة روسية، لم ترغب الموظفة بهذه الصفقة لكنها لم تعلم كيف انساقت لهم.
ما هي إلا لحظات لا تتعدى الدقائق حتى وجدت هيفاء نفسها من دون راتب، وفي يدها عملات أجنبية اخبرها صاحب الصيرفة أنها ألغي التعامل بها منذ بدايات القرن الماضي.. كانت العملية التي استخدمها اللصوص "التنويم المغناطيسي".
وحدثت في العاصمة حالات سرقة عديدة عن طريق إقناع المواطن باستبدال الدينار العراقي بعملات لغرض التربح منها، لكن أغلب هذه الحالات لا يتم التبليغ عنها كون المواطن الضحية يستدرك وقوعه في فخ النصب والاحتيال من دون معرفته بالشخص المحتال أو الاستدلال عليه.
والتنويم المغناطيسي علاج نفسي يُستخدم من متخصصين عبر تنويم العقل الظاهر وإبقاء العقل الباطن لإظهار ما فيه، وفق ضوابط وشروط.
ولـم تعرض في محكمة تحقيق الرصافة، قضـايا تخـص جـرائم السرقة عبـر تنـويم المجنى عليهم بطريقـة التنويم المغناطيسي، لكن في مـا يخـص إجراءات تلك القضية بصـورة عامـة فأنهـا تتخـذ وفـق جـرائم السرقة والمـواد القانونيـة التـي تعـالج تلك الجرائم وفـق نصـوص قـانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969، بحسب القاضي الأول لمحكمة تحقيق الرصافة.
ويعرج القاضي على أن "مفهـوم التنويم المغناطيسـي هو طريقـة لسلب إرادة الشخص ومنعـه مـن الـتحكم والسيطرة على تصرفاته، فهـو بهـذا المفهـوم يعـد احـد الأفعال الممهدة لارتكاب الجريمـة ولا يعـد جريمـة بحـد ذاتهـا كـون المشـرع حـدد مفهـوم عـام للجريمة يقوم على مبدأ (لا عقوبة ولا جريمة إلا بنص)".
ويلفت إلى أن "قانون العقوبات العراقي لـم يتطرق إلى جريمـة التنويم المغناطيسي كجريمـة مستقلة بحـد ذاتهـا ولـم يعاقب عليها بنص خاص ولكن ما سار عليه القضاء العراقي هو اعتبار فعـل التنويم المغناطيسـي صـورة مـن صـور الاحتيال والتي بموجبهـا يتوصـل الجـاني إلى أموال الضحية والتصـرف بـهـا لذاتـه وقـد عاقـب قـانون العقوبات على جريمـة الاحتيال في الفصل الرابع من الباب الثالث بالمادة 456 عقوبات".
وعن تصنيف القانون، يوضح القاضي "مـن المعـلـوم إن لكل جريمـة أركانا ثلاثة تتمثل (بالفعل والنتيجـة والعلاقة السببية بين الفعـل والنتيجـة) وان كـل فعـل يشكل جريمـة قـائم علـى عناصـر ثلاثـة وهـي (الـعلـم و الإرادة والقصـد لجنـائي) وفـي السـؤال المعـروض مـن غيـر الممكن ان يـتم اعتبـار الضـحية شريكاً فـي الجريمـة ذلـك لان المـادة (48) مـن قـانون العقوبـات رقم 111 لسنة 1969 ، حـددت أوجه الاشتراك في الأفعال الجريمة بـالتحريض والاتفاق والمساهمة بـاي شـكـل مـن الإشكال التـي تسـهل او تـتمم ارتكاب الجريمـة ، لـذل فـان الضحية او المجنـى عليـه وفقاً للفقـه الجنائي العراقـي لا يعـد ولا يعتبـر الضحية في مثل هذه الجرائم شريكاً فيها.
ويقول الموظف الأمني في شرطة بغداد محمد الأمين إنّ "التنويم المغناطيسي هو طريقة تستخدم لتشتيت الضحية وجعلها تشعر بعدم التركيز لتمكين المحتالين على السرقة من المواطنين او الموظفين والمتقاعدين وأيضا من أصحاب مكاتب الصيرفة ومنافذ صرف الرواتب".
ويحذر الأمين "المواطنين من الأشخاص الذين يروجون لصرف عملات أجنبية مقابل بدل نقدي عراقي اقل مما متعارف عليه"، معتبرا أنها "أول علامات عملية النصب وعليهم أن يحذروا أي فعل أو تصرف يرون انه خارج عن الطبيعي، أيضا استخدام بعض الوسائل لحالات مختلفة كالمناديل او قلائد الطاقة او بواسطة أجهزة الهاتف".
ويستدرك أن "حالات عدّة وقعت في بغداد وإنها ليست حديثة فهذه الحالات ظهرت قبل عدة سنوات وكافحتها الأجهزة الأمنية والقضاء إلا أنها عادت الان".
ويذكر أن "السرقات اغلبها في الماضي كانت تحدث عن طريق خفّة اليد أو الاستغفال أو النصب أو تحت تهديد السلاح، أو عبر مجموعة لصوص يلجؤون إلى عمل تمثيلي في داخل مكان مرصود بهدف سرقته، ويتم بعدة طرق كالمشاجرات او التسول أو حوادث دهس وأن طريقة استخدام التنويم المغناطسي في السرقات تعتبر حديثة".