قال رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، ان القوى السياسية عجزت في الاتفاق على تشكيل الحكومة مما خلق انسداد سياسي في العراق، مشيراً الى دعم حكومته حوار جاد وشفاف لمناقشة سبل الخروج من الأزمة، مؤكداً حرص العراق على أن يكون مصدر استقرار في محيطه الإقليمي والدولي، فيما شدد على ثبات موقف العراق من القضية الفلسطينية.
وذكر الكاظمي، خلال كلمته في الجمعية العامة للامم المتحدة بدورتها ال77، تابعتها “الرشيد”، “يسعدني أن أحييكم باسم العراق وهو إحدى الدول المؤسسة لهذه المنظمة التي تستضيفنا”.
واضاف، إن “العراق بلد تأريخي عميق الجذور في الذاكرة الإنسانية، وهناك التحديات الكبيرة التي تبدو صعبةً ولاسيما على مستوى الصراع السياسيّ الداخلي، ولكنْ هناك في المقابل روح الأمل لدى شعب العراق الذي يمتلك قدرة انتزاع الفرصة للحياة والتقدم والسلام، واستعان العراقيون رغم صعوبة الظروف بروح الأمل تلك لمحاربة الإرهاب، والانتصار عليه بالنيابة عن العالم كله، وقدم شعبنا تضحيات جسيمة لتحرير أراضيه من عصابات داعش الإرهابية”.
وتابع، “أستذكر هنا الشهداء العراقيين الذين قدموا أرواحهم من أجل الدفاع عن قيم الحرية، والعدالة، والديمقراطية، وحقوق الإنسان، خلال تلك الحرب العادلة، اكتسبت القوات العسكرية العراقية مهارات فريدة من نوعها في محاربة داعش، وفرض القانون، واستفاد العراق من خبرات حلفائه في محاربته للإرهاب، مجددين شكرنا وتقديرنا لهم، ونجدد دعوة حكومة جمهورية العراق إلى ضرورة الاستمرار في مواجهة ظاهرة الإرهاب الدولي والجماعات الداعمة له”.
واردف الكاظمي، “يتطلع العراق إلى تلقي المزيد من الدعم الأممي في إعادة إعمار المناطق المحررة والمتضـررة من احتلال عصابات داعش الإرهابية، وكذلك المساعدات الأممية للاستجابة للاحتياجات الإنسانية الضـرورية الطارئة؛ لتعزيز قدرات العراق، في إعادة بناء البنى التحتية المدمرة، وإن وزارات الدولة ومؤسساتها واصلت جهودها لإعادة العوائل العراقية في مخيم الهول في سوريا إلى الأراضي العراقية، وإرجاعهم إلى مناطقهم، ولقد وضعنا برنامجاً حكومياً شاملاً لإعادة إعمار المناطق المحررة، وإصلاح البنى التحتية، وعودة آمنة وطوعية للنازحين”.
وقال الكاظمي، إن “العراق يكرر من هذا المنبر دعواته لعدم استخدام أراضيه تحت ذريعة مكافحة الإرهاب، أو حماية الأمن القومي لدول أخرى؛ بما يعرّض أمنه واستقراره للخطر، كما يؤكد العراق على ضرورة احترام المبادئ التي ينص عليها ميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي والعلاقات الدولية، باحترام سيادة الدول، ومبادئ حسن الجوار. وإن حكومة العراق تؤكد تمسكها بنهج يدعو إلى حل الخلافات المتراكمة عبر القنوات الدبلوماسية”.
واشار، الى ان “الحكومة العراقية عملت على إقامة انتخابات نزيهة وعادلة بدعم من مجلس الأمن، والأمم المتحدة، ومنظمات دولية أخرى، وقد أشادوا بنزاهتها ومهنيتها العاليين، وأقدم شكري وتقديري لجميع المنظمات والدول، ولكل من ساعد في دعم هذه الانتخابات، وأخص بالذكر المرجع الأعلى السيد السيستاني لحمايته للمسار الديمقراطي في العراق، لكن رغم نجاح الانتخابات، فقد عجزت القوى السياسية في الاتفاق على تشكيل الحكومة؛ مما أدى إلى خلق انسداد سياسي، ودعت حكومتي إلى حوار جاد وشفاف لجميع القوى السياسية والأحزاب المختلفة؛ لمناقشة سبل الخروج من الأزمة السياسية الحالية”.
واستدرك الكاظمي، ان “العراق يسعى إلى تقريب وجهات النظر، وإيجاد الحلول السلمية المستدامة للأزمات الإقليمية والخلافات بين دول المنطقة، عبر طرحه العديد من المبادرات التي تهدف إلى ضمان السلم والأمن في منطقتنا، حيث استضافت بغداد العديد من الاجتماعات بين هذه الدول؛ مما يعد نتيجة للسياسة المتوازنة التي تعمل بها هذه الحكومة، وتعمل بها الدبلوماسية العراقية مع دول الجوار، وقد حظي مؤتمر بغداد للشـراكة والتعاون في شهر آب للعام الماضي، بمشاركة واسعة من قبل دول الجوار الإقليمي، والدول الشقيقة والصديقة، حيث خرج المؤتمر بتوصيات مهمة جسدت في إعلان قمة بغداد”.
وبشأن تغير المناخ قال الكاظمي، ان “العراق يمر بظروف مناخية صعبة بسبب شح الموارد المائية، وتغيير مجاري الأنهار التي يشترك بها مع دول الجوار، وإقامة المشاريع دون الأخذ بالحسبان تأثيراتها على الحصص المائية، والاستخدام المنصف للدول المتشاطئة، وكل هذه الظروف مجتمعةً أدت بالعراق ليصبح خامس أكثر البلدان هشاشةً تجاه التغيّرات المناخية؛ مما أدى مؤخراً إلى جفاف معظم مناطق أهوار العراق، وتضـرّر سبل العيش لمئات الأسر الريفية في الأهوار العراقية، ما أدى ذلك إلى زيادة نسبة التصحر، والنزوح الداخلي؛ وإلى فقدان مصادر العيش للعديد من العوائل، وتقليل نسبة الأراضي الزراعية، وندعو جميع دول المنطقة للحوار لحل القضايا المائية وفق القوانين والاتفاقيات الدولية”.
ولفت الكاظمي في كلمته، الى ان “الحكومة عملت على مشاريع استراتيجية مهمة في مجال الطاقة النظيفة، واستخراج الغاز المصاحب، والمجالات الأخرى المرتبطة بالاقتصاد الأخضر، وهذا يتطلب الدعم الدولي بمختلف مجالاته لمساندة جهوده ولتمكينه من المضـي قدماً في تنفيذ السياسات والاستراتيجيات الوطنية في جانبي التخفيف من الآثار السلبية للتغير المناخي والتكيف معها، وقد وضعنا تنفيذ أهداف الاستراتيجية الوطنية للتربية والتعليم العام والعالي لسنة 2030، على رأس أولوياتنا، وأهم تلك الأهداف زيادة معدل الالتحاق بالمدارس ليصل إلى (100%) والارتقاء بجودة التعليم العام والعالي، وتطوير التقنيات وتكنولوجيا التعليم”.
واضاف، “أطلقنا المبادرة الوطنية لتنمية الطفولة المبكرة، التي تغطي مدة 10 سنوات؛ بهدف تقليص نسبة الأمية في مجتمعنا، وتوفّر البيئة التعليمية الملائمة لأطفالنا، وشرعنا بحملة لبناء مئات المدراس في مختلف المحافظات بعد أن عانت من نقص كبير خلال العقود الماضية، فضلاً عن تسهيل مهامّ لبناء الجامعات والكليات”.
وبخصوص القضية الفلسطينية والاوضاع السورية، ذكر الكاظمي، “نؤكد موقف العراق الثابت تجاه القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في ممارسة حقوقه المشـروعة، واحترام الوضع التأريخي لمدينة القدس ومقدساتها، كما نؤكد حرصنا على وحدة الأراضي السورية وسلامتها، وندعم إجراء المحادثات السياسية بين الأطراف السورية كافة، ودعم جهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة”.
وبين رئيس مجلس الوزراء، إن “الأزمات والحروب الإقليمية تنعكس نتائجها على جميع دول العالم، وأن الشعوب دائماً تدفع الثمن لهذه الحروب؛ وعليه نؤكد على ضرورة إيجاد الحلول السلمية المستدامة للأزمات الإقليمية والدولية عن طريق الحوار، وعدم اللجوء إلى استخدام القوة”.