متابعة – الرشيد
ابتكر باحثون من الصين والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة أغشية تعتمد على الغرافيدين، قادرة على التفاعل بشكل انتقائي مع أيونات المعادن في المحاليل السائلة.
تشير مجلة Nature Water، إلى أن الفريق العلمي الدولي برئاسة البروفيسور لاي تشي بينغ من جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية توصل إلى هذا الابتكار ضمن مشروع يهدف إلى تطوير أساليب جديدة لتحلية مياه البحر.
ووفقا للباحثين، تسمح الميزات البنيوية الفريدة للغرافيدين(مادة كربونية ثنائية الأبعاد)، بما فيها وجود عدد كبير من القنوات الضيقة والموحدة في سمكها، بأن يكون مرشحا مثاليا لدور أنظمة مرور المياه من خلالها بشكل انتقائي. وقد أظهرت التجارب أن الأغشية المصنوعة من هذه المادة لا تعمل على تنقية مياه البحر بسرعة فحسب، بل إنها تتفوق أيضا على أنظمة تحلية المياه المستخدمة حاليا. وهذا مهم بصورة خاصة بعد تفاقم مشكلة الحصول على مياه الشرب النظيفة في السنوات الأخيرة، وخاصة بالنسبة لسكان البلدان الحارة والجافة في آسيا وإفريقيا.
وتجدر الإشارة إلى أن أنظمة تحلية مياه البحر الحالية تتطلب كمية كبيرة من الطاقة أو تكون قصيرة العمر نسبيا، ما يمنع استخدامها على نطاق واسع. وتعاني الأغشية المختلفة التي تعتمد على الغرافين وغيره من المواد النانوية من عيوب مماثلة، حيث لا تسمح في البداية بمرور أيونات الكالسيوم والبوتاسيوم والمغنيسيوم والصوديوم، ولكنها بعد ذلك تتضخم وتفقد خصائصها.
ولكن اتضح للباحثين أن أغشية مصنوعة من الغرافيدين، تشبه بنيتها مجموعة من ستة مثلثات مجتمعة في شكل "قرص عسل" سداسي، لا يوجد فيها هذا العيب. وأن الفراغات الموجودة بين ذرات الكربون في المثلثات واسعة بما يكفي للسماح لجزيئات الماء بالمرور، ولكنها ضيقة للغاية بحيث لا تتمكن حتى أصغر الأيونات المعدنية من اختراقها.
واسترشادا بهذه الفكرة صنع الباحثون أغشية ذات سماكات مختلفة من الغرافين البلوري، ثم راقبوا تفاعلاتها مع الماء المالح. وأظهرت التجارب أنه حتى الأغشية الرقيقة نسبيا المتكونة من 12 طبقة من الغرافيدين سمحت بمرور جزيئات الماء، وعرقلت حركة جميع أيونات الصوديوم والبوتاسيوم والكالسيوم والمغنيسيوم تقريبا. وتبين أن هذه الأغشية تمكنت من إزالة 99.7 بالمئة من أملاح مياه البحر، ويمكنها العمل لمدة تزيد عن 300 ساعة. وهذا وفقا للباحثين يمنح الأمل في إنشاء أنظمة تحلية مياه رخيصة ودائمة.