تترك جرائم تزوير وتقليد الأختام الرسمية آثارا كبيرة على المجتمع، وتساهم في زعزعة الثقة بالمؤسسات الحكومية، كما تؤدي إلى ضياع حقوق الأفراد، وفي هذا الإطار أكد قاضي تحقيق أن التقدم التكنولوجي ساهم في تفاقم هذه الجريمة، وفيما أكد أن أبرز حالات تزوير الأختام تقع في دوائر المرور والتسجيل العقاري، دعا إلى اعتماد الأتمتة وربط الدوائر الحكومية إلكترونيا للتقليل من عمليات التزوير.
وعن صور هذه الجريمة، أكد قاضي تحقيق الرصافة حيدر منصور، أن "تزوير الأختام عادة ما يكون بواسطة التلاعب بالختم نفسه أو على الأثر المحدث له، أي صورة الختم التي يحدثها على الورق؛ فالأختام المزورة التي يتم ضبطها أو الوثائق المزورة التي زورت بها تكون في أكثرها أختاما مزورة لمؤسسات حكومية، وبعضها تكون أختاما شخصية لمدراء وموظفين يعملون في دوائر الدولة".
وشدد منصور على أن "التزوير يكثر في الأختام الشخصية للموظفين في معاملات التسجيل العقاري والمرور؛ لأن إكمال المعاملات في هاتين الدائرتين يمر بسلسلة من الموظفين، فيحتاج المزورون إلى اختزال مراحل المعاملة وخاصة ما يتعلق منها بدفع الرسوم، فيزورون بعض حقول المعاملة؛ أما تزوير الأختام الشخصية خارج نطاق موظفي الدولة، فلا وجود له في الدعاوى المنظورة من قبلنا".
وأشار القاضي منصور إلى أن "الآثار المترتبة على جريمة تزوير الأختام، تتمثل في فقدان الثقة العامة بأختام الدولة ووثائقها وأختام المؤسسات الأخرى غير الحكومية، وكذلك فقدان حماية الأختام والوثائق نفسها من التزوير، مما يؤدي إلى عدم الانصياع الطوعي من قبل أفراد المجتمع وكذلك ضياع حقوق الأفراد التي تثبتها تلك الوثائق وعدم قدرة الوثائق على إثبات ما تحويه من معلومات".
وعن المعالجات، يرى القاضي أن "الأتمتة وربط الدوائر الحكومية الكترونيا هي أهم وسيلة لمنع جرائم التزوير بشكل عام حيث اثبت فاعليتها وسرعتها في تأدية المهام ومنع التزوير كذلك منع المعقبين وكتاب العرائض من تعقيب المعاملات وارتياد الدوائر الحكومية".
ودعا قاضي التحقيق في رئاسة استئناف الرصافة دوائر الدولة وبالذات المؤسسات العليا والأمنية إلى أن "تعتمد أختام ذات رموز خاصة وذات بيانات ضوئية بحيث يمكن التأكد من صحتها بطريقة المسح الضوئي، كذلك يمكن استعمال الأختام ذات الاستعمال الواحد المصنوعة من شركات عالمية غير قابلة للتزوير وذات ميزات فريدة وهذه الأختام يمكن حصرها لدى موظف مختص وبالتالي يمكن تحديد مصدرها في حالة التزوير إلى الاستعمال غير الجائز كذلك تبسيط الإجراءات وتقليل كلف المعاملات يمكن أن يساهم وبشكل فعال في الحد من جرائم التزوير".
وأشار إلى أن "عملية تزوير الأختام أصبحت عملية سهلة مع التقدم التكنولوجي والاتصالاتي، ولم تعد كما كانت سابقا تجرى في المكتبات، حيث أصبحت ترتكب من قبل مجموعات تدار عبر برامج التواصل الاجتماعي"، لافتا إلى أن "عملية مراقبتها ورصد العاملين فيها تصطدم حاليا بسياسة الخصوصية التي تمتنع بمقتضاها شركات الاتصالات من إعطاء عائدية الحسابات التي تدار من خلالها عملية تزوير الأختام الوثائق، وهذا يمثل تحديا حقيقيا لمحاكم التحقيق والجهات التحقيقية في التوصل للفاعلين ومن التحديات أيضاً أن أفراد القوات الأمنية الذين يتابعون موضوع التزوير يتعرضون للتهديد والمطالبات العشائرية من قبل المزورين أو ذويهم".
وأفاد قاضي التحقيق بأن "قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة ١٩٦٩ في نص المادة 275 عالج جريمة تزوير الأختام وتقليدها وجعلها في صور عدة ووضع لها عقوبات مختلفة مع اختلاف صور الجريمة"، مبينا أنه "نص على جريمتين وهما جريمة التزوير وجريمة التقليد فتزوير الختم يعني عمل نسخة طبق الأصل من الختم الأصلي، بينما التقليد يعني إنشاء ختم مشابه للأصل الذي يجب ان يكون موجود أصلاً"..
وأضاف منصور أن "القانون لم يفرق في العقوبة بين جريمة التزوير وجريمة التقليد حيث جمعهما في نص واحد وحدد صور ارتكابها وجعلها نفس الصور في محل من الجريمتين مثل جريمة تزوير ختم الدولة وجريمة تقليد ختم الدولة"، موضحا أن "العقوبة على تزوير الأختام الحكومية أشد من عقوبة تزوير الأختام غير الحكومية".
وعن العقوبة المخصصة لهذا النوع من الجرائم، قال إن "المادة ٢٧٥ من قانون العقوبات نصت على صور جريمة تزوير او تقليد الأختام وحددت العقوبات المفروضة عليها وقد فرقت بين صور التزوير، إذ جعلتها في مجموعتين المجموعة الأولى تضم تزوير او تقليد الاختام الحكومية واختام موظفيها وهي تزوير ختم الدولة وختم رئيس الجمهورية وختم او علامة الحكومة او احدى دوائرها الرسمية أو شبه الرسمية".
أما المجموعة الثانية، فتضم بحسب منصور "صور تزوير الأختام غير الحكومية وحددت الجهات غير الحكومية التي أضفت الحماية على اختامها وهي ختم او علامة اي دولة أجنبية او ختم او علامة أحد المصارف او المؤسسات او الشركات او الجمعيات او المنظمات او المنشآت التي تساهم الدولة في مالها بنصيب ما او ختم او علامة احدى الشركات المساهمة او الجمعيات التعاونية او النقابات المنشأة طبقاً للأوضاع المقررة قانوناً او احدى الجمعيات او المؤسسات المعتبرة قانوناً ذات النفع العام".
وأكد أن "المادة 275 خصصت عقوبة السجن اكثر من خمس سنوات الى 15 سنة لجرائم تزوير او تقليد الأختام الحكومية، وهذه العقوبة هي أكثر شدة من عقوبة تزوير أو تقليد الأختام غير الحكومية التي جعلتها السجن مدة لا تزيد على عشر سنوات اي ان العقوبة في جرائم تزوير الأختام الحكومية من الممكن ان تصل الى 15 سنة بينما في غير الحكومية يجب ان لا تتجاوز عشر سنوات".
وبين أنه "لا توجد إحصائية خاصة بجرائم تزويد الأختام لأن هذه الجريمة تندمج في معظم الأحيان مع جريمة تزوير الوثائق وعند ضبط المزورين تضبط لديهم الوثائق المزورة والأختام المزورة في بعض الأحيان، وعادة ما يعترف المزور بأنه قام بصناعة الختم المزور بنفسه ولا يعترف على صانعي الأختام خشية من عواقب ذلك حيث نصت المادة أعلاه على عقوبة استعمال تلك الأختام المزورة والمقلدة وجعلتها نفس عقوبة الجريمة الأصلية".
وبشأن استعمال الأختام غير المزورة بطريقة غير مشروعة، أكد أن "الاستعمال غير المشروع للأختام الصحيحة الحكومية أو غير الحكومية يكون جريمة وبمثابة جرائم تزوير الأختام، ويبدو جليا أن هذا التجريم هو من اجل إضفاء الحماية الشديدة لهذه الأختام من عبث الحائزين لها ومنع استعمالها في غير إطارها المشروع".