أثار قرار أصدره البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) في ساعة متأخرة الليلة الماضية برفض الاعتراف بالدولة الفلسطينية واعتبار ذلك "خطرا وجوديا على إسرائيل" إدانات عربية وأجنبية رأت في القرار "إمعانا في تحدي المجتمع الدولي وقرارات الشرعية الدولية".
ولقي قرار الكنيست دعما من أحزاب الائتلاف والمعارضة على السواء، باستثناء الأعضاء العرب.
وجاء في نص القرار "الكنيست يرفض بشدة إقامة دولة فلسطينية غرب الأردن ويعتبر إقامة دولة في قلب أرض إسرائيل يشكل خطرا وجوديا على دولة إسرائيل ومواطنيها، وسيؤدي إلى إدامة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وزعزعة استقرار المنطقة".
ويحذر نص القرار من سيطرة حركة حماس على الدولة الفلسطينية في حال قيامها كما حدث في قطاع غزة. وجاء فيه "لن يمضي سوى وقت قصير حتى تستولي حماس على الدولة الفلسطينية وتحولها إلى قاعدة إرهابية إسلامية متطرفة".
وسرعان ما توالت الإدانات لهذا القرار.
وأصدرت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية بيانا قالت فيه إنها "تدين قرار الكنيست وتعتبره إمعانا رسميا برفض الدولة الفلسطينية ومعاداة السلام". وأضافت "تجسيد الدولة الفلسطينية حق مشروع لشعبنا كفلته قرارات الشرعية الدولية".
وقال المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة تعليقا على قرار الكنيست "لا سلام ولا أمن لأحد" دون قيام دولة فلسطينية وفق قرارات الشرعية الدولية.
وأدانت أيضا وزارة الخارجية الأردنية قرار الكنيست وقالت إنه يشكل "انتهاكا جديدا وخطيرا للقانون الدولي وإمعانا في تحدي المجتمع الدولي".
وقال الناطق باسم الوزارة "جميع القرارات والخطوات الصادرة عن إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، هي إجراءات باطلة وواجبة الإلغاء ولا تغير واقع وحقيقة احتلالها للأراضي الفلسطينية". وطالب بتحرك دولي لوقف "حرب إسرائيل المتواصلة على الفلسطينيين ووقف جرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة".
قرار يتزامن مع اقتحام لباحات الأقصى
في القاهرة، استنكرت وزارة الخارجية المصرية قرار الكنيست برفض إقامة دولة فلسطينية واعتبرت ذلك "تنصلا واضحا من مقررات الشرعية الدولية ومرجعيات عملية السلام".
كما أدانت الخارجية في بيانها اقتحام وزير إسرائيلي لباحات المسجد الأقصى، وأكدت على خطورة ما تمثله كل هذه الإجراءات "من تصعيد غير مسؤول سبق وأن حذرت منه مصر مرارا وتكرارا".
كما أكدت مصر في بيان الخارجية أنها ستواصل جهودها من أجل التوصل إلى حل عادل وشامل ودائم للقضية الفلسطينية يضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
الجامعة العربية ودول الخليج
وأكد الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط إدانته لإعلان الكنيست الإسرائيلي وشدد على أن هذا الإعلان، الذي تزامن مع اقتحام وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير باحات المسجد الأقصى، يهدف إلى "شرعنة احتلال الفصل العنصري ضد الشعب الفلسطيني وتطبيع تدنيس مقدساته وتقويض حل الدولتين".
كما أعرب الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية جاسم محمد البديوي عن استنكاره وإدانته ورفضه الشديد لمصادقة الكنيست على مشروع القانون الذي يرفض إقامة دولة فلسطينية.
وقال البديوي في بيان على موقع الأمانة العامة للمجلس إن قرار إسرائيل "يعد انتهاكا صريحا للقرارات الدولية والأممية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية، ويؤكد على رغبتها ومضيها قدما في تأجيج التوتر وتهديد الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم".
وطالب الأمين العام للمجلس الخليجي المجتمع الدولي بضرورة رفض واستنكار هذا القرار الذي وصفه بأنه "جائر ويعبر عن نوايا قوات الاحتلال الإسرائيلي في توسيع دائرة الصراع وعدم رغبتها في الاستقرار والسلم في المنطقة"، مؤكدا على مواقف دول مجلس التعاون تجاه القضية الفلسطينية، ودعم قيام الدولة الفلسطينية المستقلة ضمن حدود الرابع من يونيو حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
حماس ومنظمة التحرير
أدان أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ قرار الكنيست وقال إنه "يؤكد على عنصرية دولة الاحتلال وضربها للقانون الدولي والشرعية الدولية بعرض الحائط، وإصرارها على نهج وسياسة تكريس الاحتلال للأبد وغياب الشريك لصنع السلام في الجانب الإسرائيلي ونسف كل الاتفاقيات الموقعة".
وطالب الشيخ دول العالم المترددة في الاعتراف بدولة فلسطين بأن تعترف فورا بها وحماية حل الدولتين.
ووصفت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) قرار الكنيست بأنه "باطل وصادر عن جهة احتلالية ليس لها شرعية على الأرض الفلسطينية".
وأضافت في بيان أن القرار "هو رسالة تحدٍ للمجتمع الدولي، واستخفاف بقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي دعمت منح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، وهو ما يستدعي تحركا دوليا جادا لوقف هذه القرارات والإجراءات الإجرامية، وتمكين شعبنا الفلسطيني من الوصول لكافة حقوقه".
كما استنكرت حركة حماس في بيان منفصل اقتحام بن غفير لباحات المسجد الأقصى صباح اليوم معتبرة هذه الخطوة "استفزازا وتصعيدا خطيرا" قالت إنه يأتي ضمن مساعي الحكومة الإسرائيلية لتهويد المسجد الأقصى.
تركيا وفرنسا
نشرت وكالة الأناضول للأنباء نبأ عاجلا عن استنكار الخارجية التركية لقرار الكنيست واعتباره "لاغيا".
ونقلت الوكالة عن وزارة الخارجية التركية "اعتماد الكنيست قرارا يرفض إقامة دولة فلسطينية مؤشر على تجاهل إسرائيل القانون والاتفاقيات الدولية وهو بحكم اللاغي".
كما استنكرت الخارجية الفرنسية قرار الكنيست مؤكدة أن حل الدولتين هو "الحل الوحيد الذي يضمن تحقيق سلام عادل ومستدام للإسرائيليين والفلسطينيين على حدٍ سواء ويضمن استقرار المنطقة".
وأضافت في بيان "تعرب فرنسا عن استيائها إزاء اعتماد الكنيست قرارا ينبذ أفق إقامة دولة فلسطينية، إذ يتعارض مع القرارات المعتمدة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة".
كما أدانت اقتحامات بن غفير لباحات المسجد الأقصى، ووصفتها بأنها "تصرفات غير مسؤولة تهدد بمفاقمة زعزعة الاستقرار في المنطقة"، بحسب بيان الخارجية المنشور على حسابها على منصة إكس.
وقالت "تؤكد فرنسا مجددا على ضرورة تنفيذ حل الدولتين اللتين تتعايشان جنبا إلى جنب بسلام وأمن. ويتضمن هذا الحل إنشاء دولة فلسطينية سيادية وقابلة للحياة ومتصلة جغرافيا".
وكان الكنيست الإسرائيلي قد صادق في شهر فبراير شباط الماضي على مشروع قرار آخر يرفض أي اعتراف دولي أحادي الجانب بالدولة الفلسطينية. وجاءت الموافقة بأغلبية 99 صوتا مقابل تسعة أصوات معارِضة.
المصدر: AWP