أدى إفراج السلطات الإسرائيلية -اليوم الاثنين- عن مدير مجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة الدكتور محمد أبو سلمية، بعد أكثر من 7 أشهر من احتجازه، إلى ضجة واسعة في إسرائيل وتبادل للاتهامات بين كبار مسؤوليها ومؤسساتها.
وقد أثار القرار انتقادات واسعة في أوساط الحكومة ولدى زعيم تحالف "الوحدة" أو "معسكر الدولة" المعارض بيني غانتس ومسؤولين آخرين، وسط مطالبات بإقالة المسؤول عن اتخاذ القرار.
فقد قال غانتس إن الحكومة ارتكبت خطأ عملياتيا وأخلاقيا عندما أفرجت عمن وصفه بمانح الرعاية للقتلة يوم السابع من أكتوبر، والمساهم في إخفاء المختطفين، وفق تعبيره.
وأضاف أن هذه الحكومة الحالية لا تستحق إدارة الحرب وعليها الاستقالة، مطالبا بإقالة من اتخذ قرار الإفراج عن أبو سلمية على الفور.
وزراء يتهمون ويحرضون
ومن جانبه وصف وزير الأمن الإسرائيلي إيتمار بن غفير الإفراج عن أبو سلمية، وعشرات ممن وصفهم بالمخربين، بالإهمال الأمني.
وأضاف بن غفير أن على رئيس الحكومة أن يوقف وزير الدفاع يوآف غالانت ورئيس الشاباك عن اتباع ما سماها سياسة مستقلة تتعارض مع سياسة الكابنيت والحكومة.
وضمن التفاعلات ذاتها، نقلت القناة 12 الإسرائيلية عن وزير الشتات عميحاي شيكلي قوله إنه طلب من غالانت توضيحات بشأن الإفراج عن مدير مجمع الشفاء الطبي.
وبحسب القناة الإسرائيلية فإن شيكلي طلب شرحا من غالانت، متسائلا: كيف يتم الإفراج عن مدير مستشفى قُتل فيه مختطفون إسرائيليون وعملت قيادة حماس داخله، وفق تعبيره.
وقد نشرت وسائل إعلام إسرائيلية نسخة مصورة عن تبادل رسائل بين وزراء الحكومة -في تطبيق واتساب- وتعقيبهم على الإفراج عن أبو سلمية.
وأظهرت الرسائل تبادلا للاتهامات وتحريضا من عدة وزراء ضدّ الإفراج عن أبو سلمية بوصفه مديرا لمستشفى استخدمته قيادة حماس مقرا وتمّ إخفاء وقتل أسرى إسرائيليين بداخله، وفق ما قالوا.
وطلب وزراء آخرون توضيحات من وزير الدفاع بشأن الإفراج عن أبو سلمية وعدد آخر ممن وصفوهم بالمخربين، دون مقابل ودون التصويت على ذلك من قبل الحكومة.
وفي تصعيد للتحريض كتب وزير الرفاه يعقوب مرجي أنه قد يتم اغتيال أبو سلمية على يد حماس، في تلميح لإمكانية اغتياله من قبل إسرائيل، ومن ثم اتهام حماس بذلك، مشيرا إلى أنه كان ينبغي أن يتعرّض أبو سلمية لمزيد من الاعتداءات الجنسية.
وأمام السجال الواسع بشأن قرار الإفراج عن أبو سلمية، سارع مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى القول إن الأخير أمر بفتح تحقيق فوري في الموضوع، مشيرا إلى أن القرار جاء بعد مناقشات في المحكمة العليا بشأن التماس ضد احتجاز السجناء في سجن مركز سدي تيمان جنوبي إسرائيل.
وأضاف مكتب نتنياهو أنه يتم تحديد هوية السجناء المفرج عنهم بشكل مستقل من قبل مسؤولي الأمن بناء على اعتباراتهم المهنية.
وليس نتنياهو وحده من تنصل من مسؤولية القرار، فقد بادر مكتب وزير الدفاع إلى التأكيد على أن الوزير لم يكن على علم بقرار الافراج عن مدير مستشفى الشفاء.
أما جهاز الأمن العام (الشاباك) الذي وجهت إليه المسؤولية كذلك، فقال إن الإفراج عن مدير مجمع الشفاء كان بسبب الاكتظاظ في السجون مشيرا إلى أنه تم التحذير من هذه القضية لفترة طويلة.
في المقابل، نفت مصلحة السجون الإسرائيلية أن يكون الإفراج عن مدير مجمع الشفاء الطبي بسبب اكتظاظ السجون.
وأوضحت مصلحة السجون أنّ قرار الإفراج صدر عن الجيش والشاباك، وأنّها لا تتخذ من تلقاء نفسها قرارات إطلاق السجناء من أي نوع.
وأضافت أنها اضطرت للكشف عن أمر الإفراج عن أبو سلمية بسبب ما سمته المنشورات الكاذبة.
وبشأن أسباب الإفراج عن أبو سلمية ضمن أسرى آخرين، لفتت صحيفة هآرتس الإسرائيلية إلى أنه قبل حوالي 3 أسابيع أبلغت الدولة المحكمة العليا أن جميع الفلسطينيين بمركز اعتقال سدي تيمان (جنوب) إما سيتم نقلهم لمرافق احتجاز أخرى أو إعادتهم إلى غزة.
وجاءت هذه الخطوة على وقع تقارير حقوقية فلسطينية وإسرائيلية ودولية عن تعذيب وقتل أسرى من غزة في سجن سدي تيمان التابع لجيش الاحتلال.
وقدمت منظمات حقوقية إسرائيلية التماسا إلى المحكمة العليا تطالب فيه بإغلاق هذا المعتقل سيئ السمعة.