تتواصل الاحتجاجات الشعبية ضد سعي حكومة بنيامين نتنياهو لتمرير جملة من التشريعات يعتبرها المحتجون انقلابا على الشرعية والديمقراطية، وسط تصاعد الدعوات إلى عدم الالتحاق بالجيش والخدمة الاحتياطية الإلزامية.
وقد تظاهر عشرات الآلاف من الإسرائيليين في مناطق مختلفة، محاولين شل حركة الطرقات وسير القطارات في محطات مركزية.
وأغلق المحتجون ما لا يقل عن 6 طرق سريعة، ونظموا احتجاجات في محطات قطار رئيسية في ساعة الذروة بعد الظهر، ودخلوا بورصة تل أبيب ملقين بأوراق نقدية غير حقيقية، في إشارة إلى الفساد.
وانتشر خيالة الشرطة واستخدموا خراطيم المياه لتفريق بعض المحتجين الذين أغلقوا الطرق أثناء الليل، وقالت الشرطة إنها احتجزت 45 شخصا على الأقل.
الكنيست يواصل مناقشة التعديلات
وتأتي هذه المظاهرات والاحتجاجات في وقت يواصل فيه الكنيست مناقشة تعديل قانوني يرمي إلى تقليص صلاحيات قضاة المحكمة العليا ومنعهم من إلغاء أي قرارات أو تعيينات حكومية وبعد أن وافق الكنيست في قراءة أولى الأسبوع الماضي على تعديل ما يعرف باسم "بند المعقولية".
ومن المقرر أن يعقد البرلمان الإسرائيلي جلسات تصويت في قراءتين ثانية وثالثة في وقت لاحق من يوليو/تموز الجاري، وإذا تمت الموافقة على التعديل يصبح قانونا.
و"بند المعقولية" هو من الأدوات الإجرائية الموجودة بمتناول الجهاز القضائي في إسرائيل، وتحديدا لدى القضاة، خصوصا قضاة المحكمة العليا، ومن خلاله تمارس المحكمة العليا رقابة قضائية على عمل الأذرع المختلفة للسلطة التنفيذية المتمثلة بالحكومة ووزاراتها والهيئات الرسمية التابعة لها.
وسيعطي التعديل الحكومة صلاحية أوسع في تعيين القضاة، وهو يؤثر أيضا على تعيين الوزراء.
ومع حصول رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على أغلبية مريحة في الكنيست يأمل المعارضون أن تساعد موجة جديدة من الاحتجاجات في وأد التشريع قبل التصويت النهائي عليه الأسبوع المقبل.
ودافع نتنياهو عن التعديلات المقترحة، متعهدا بالحفاظ على "إسرائيل دولة قومية يهودية وديمقراطية، حرة وليبرالية، تتمتع بحكم الأغلبية المقدس إلى جانب الحقوق المدنية".
وقال في خطاب بالقدس إن حكومته تتصرف بطريقة مسؤولة ومدروسة، ولا تدخر وسعا في التوصل إلى اتفاق واسع النطاق، لاستعادة التوازن بين السلطات القضائية والتشريعية والتنفيذية.
طيارون وضباط بسلاح الجو يحذّرون
ومع استمرار الاحتجاجات -التي بدأت قبل 28 أسبوعا- على هذه التعديلات تتصاعد في إسرائيل أيضا دعوات إلى عدم الالتحاق بالجيش والخدمة الاحتياطية الإلزامية.
ورغم العقوبات المفروضة بموجب القانون الإسرائيلي على مثل هذه الدعوات فإن هذا الاتجاه يقوده ضباط وجنود متطوعون خدموا سابقا في الجيش الإسرائيلي.
وتزداد تهديدات ضباط وجنود احتياط في المؤسسات الأمنية المختلفة -بما فيها وحدات النخبة العسكرية والمخابرات وسلاح الجو- بإنهاء تطوعهم وعدم الاستجابة لدعوات التجنيد في حال مضي الحكومة قدما في إقرار تشريعات ما تسميه "الإصلاح القضائي".
وفي السياق، حذّر 161 طيارا وضابطا كبيرا بسلاح الجو الإسرائيلي في رسالة بعثوها إلى قائد السلاح اللواء تومير بار من أن الموافقة النهائية بالقراءتين الثانية والثالثة على قوانين "إصلاح القضاء" هي "عملية رسمية وقصيرة، لكنها ستغير بشكل كبير جوهر ووجه الدولة، وستحولها من ديمقراطية إلى دكتاتورية".
ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية أنه تحت عنوان "الوقف الفوري للتطوع في قوات الاحتياط" كتب الطيارون والضباط "نحن الموقعين أدناه، 161 من عناصر القلب العملياتي لمقر قيادة القوات الجوية، نعلن عن الوقف الفوري لتطوعنا في خدمة الاحتياط".
وأرجع الضباط قرارهم إلى عدم استعدادهم لإنجاز المهام الموكلة إليهم "في ظل نظام تداس فيه أسس الديمقراطية، فيما تتسع الفجوة التي من خلالها يسيرون بالبلاد نحو دكتاتورية كاملة".
"أيام مصيرية"
من جانبه، وضع رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي -أمس الثلاثاء- المسألة على طاولة لجنة الخارجية والأمن البرلمانية، محذرا من العواقب.
وقال هاليفي -في بيان- "تتطلب الجبهات المختلفة البعيدة والقريبة على حد سواء من الجيش الإسرائيلي أن يبقى متيقظا لتعزيز الردع، ومن أجل النجاح في الحفاظ على واقع جيد لمواطني إسرائيل".
وأضاف أن التحديات الأمنية "تتطلب في الوقت الراهن استعدادا عاليا"، مشيرا إلى أن "كل من يدعو إلى رفض الخدمة العسكرية خلال هذه الأيام يضر بالجيش" كما يضر بأمن إسرائيل.
من جهته، قال القائد السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) تامير هايمان "نحن في أيام مصيرية بالنسبة للمجتمع الإسرائيلي، وأيضا لمستقبل الجيش".
وفي تغريدة على تويتر أول أمس الاثنين حذر هايمان من أن الجيش "معرض لخطر جسيم وملموس من التفكيك".