كشفت هيئة النزاهة الاتحاديَّة، اليوم الخميس، عن عمليَّة اختلاس كبيرة للأمانات والودائع الگمرگيَّـة في محافظة البصرة للعامين (٢٠١٥ و ٢٠١٦) تُقدَّرُ قيمة الهدر في المال العام فيها بمبالغ (۹۲) مليار ديـنار عـراقي، مُبيِّنةً صدور أوامر قبضٍ ومنع سفر بحقّ ستةٍ من المسؤولين في گمرك المنطـقـة الجنـوبيَّـة وديوان الرقابة الماليَّة في البصرة.
وذكرت دائرة التحقيقات بالهيئة، في بيان تلقته “الرشيد”، ان “إجراءاتها التحقيقيَّة أفضت إلى كشف عمليَّة اختـلاسٍ وسرقـةٍ للمال العام في گمرك المنطقة الجنوبيَّة”، مُبـيّنةً أنَّ “مُديريَّة تحقيق الهيئة في البصرة ألفت فريقاً للتحرّي والتقصّي عن معلوماتٍ وردتها من مصادرها الخاصَّة حول مزاعم فسادٍ تمثلت بسرقة الأمانات الگمرگيَّـة بموجب تصاريح گمرگيَّةٍ ووكالاتٍ مُزوَّرةٍ؛ ممَّا تسبَّب باختلاس عشرات المليارات من الدنانير”.
وأردفت، إنَّ “فريق المُديريَّة، وبعد استحصال الأوامر القضائيَّة، شرع بالانتقال إلى الدوائر المعنيَّة، إذ رصد وجود كتابٍ صادرٍ عن مركز گمرك أم قصر الشمالي يزعم تعرُّض جميع الأوليَّات الخاصَّة بالأمانات والودائع الگمرگيَّـة للحرق؛ بسبب الاحتجاجات”، لافتةً إلى أنَّ “الفريق بعد انتقاله إلى هيئة المنافذ الحدوديَّة توصَّل إلى عدم دقة المعلومة التي تضمَّنها الكتاب وأنَّه لم تُسجَّل أيَّة حالة حرقٍ طيلة فترة الاحتجاجات”.
واشارت، إلى “الوصول لـ (٧٥) تصريحة گمركيَّة في مركز گمرك أم قصر تخصُّ كتاب ديوان الرقابة الماليَّة المتضمن تدقيق التصاريح وأنها مستوفية للإجراءات كافة، فيما تبيَّن أنَّ التسلسلات الحدوديَّة المثبتة في كتاب الديوان وأسماء المستوردين تخصُّ التصاريح الگمرگيَّـة ذاتها، وبعد مفاتحة مركز گمرك أم قصر ظهر أنَّ جميع التصاريح مُزوَّرة”.
واوضحت، أنَّ “إجراءات التحرّي والتحقيق توصَّلت إلى قيام مدير ديوان الرقابة الماليَّة السابق في البصرة بإصدار أمرٍ بتكليف نفسه بتدقیق (315) تصريحة وتسليم الكتاب بنفسه إلى مدير كمرك المنطقة الجنوبيَّة وقيامه بتنظيم كتاب صحَّة صدور، مُنبِّهة أنَّ السياقات الصحيحة كانت تفرض تأليف فريقٍ من ديوان الرقابة الماليَّـة من ثلاثة أشخاصٍ في الأقل؛ لتدقيق التصاريح الگمرگيَّـة”.
وأشارت إلى أنَّ ملاكات مديرية تحقيق الهيئة في المحافظة كثفت جهودها عبر فريقها الذي شملت إجراءاته مديرية گمرك المنطقة الجنوبيَّة – القسم المالي، لافتةً إلى أنَّ تلك الإجراءات تمخَّضت عنها توصُّل الفريق إلى أنَّ جميع الأمانات والودائع للسنوات السابقة قد تمَّ صرفها بموجب وكالاتٍ كمركيَّةٍ مُزوَّرةٍ، وأنَّ أرقام مستمسكات الموكلين المثبتة في الوكالات مُكرَّرة وتحمل الأرقام التسلسلية ذاتها للأشخاص الموكلين، وكذلك الوكالات الأخرى الصادرة عن كاتب عدل النهروان التي اسْتُنِدَ إليها في تسليم الصكـوك، حيث تمكَّن الفريق من ضبط الإشعارات الخاصَّة بالمبالغ التي تمَّ إطلاقها والأمر بصرفها من قبل مديري گمرك المنطقة الجنوبيَّة (السابق والأسبق).
وتابعت، إنَّ “الفريق انتقل إلى مصرف الرشيد لربط أوليَّات الصكوك التي بناءً عليها تمَّ تـسلُّم الأمانات والودائع الگمرگيَّـة ومُديـريَّة گمرك المنطقة الجنـوبيَّة، إذ قام بتدوين أقوال الممثل القانوني للمُديريَّة، والممثل القانوني لديوان الرقابة الماليَّة، وبناءً على ذلك تمَّ استقدام مدير القسم المالي وفق المادة (٣٤٠) من قانون العقوبات التي اعترفت بدورها صراحةً بقيام المُتَّهمين بإطلاق الأمانات الگمرگيَّـة من المصرف بموجب تلك التصاريح المُزوَّرة”.
وأضافـت، إنَّ “قاضي محكمـة تحقيـق البصـرة المُختصَّة بالنظـر في قضايا النـزاهـة، وبناءً على إجراءات الهيئة التحقيقيَّة أصدر أوامر قبضٍّ ومنع سفرٍ بحق مسؤولين في گمرك المنطقة الجنوبيَّة، وهم كلٌّ من مدير گمرك المنطقة الجنوبيَّة السابق والأسبق ومدير القسم القانوني ومعاونه، ومديري التدقيق والقسم القانوني فيه، فضلاً عن مدير ديوان الرقابة الماليَّة السابق في المحافظة، وأبرز المُتَّهمين في قضيَّة الأمانات الضريبيَّة؛ وذلك استناداً إلى أحكام المادة (315) من قانون العقوبات العراقي، كما قرَّر إحالة الأوراق التحقيقيَّة والمُتَّهمين إلى محكمة تحقيق الكرخ الثانيَّة، استناداً إلى أحكام المادة (54) من قانون أصول المحاكمات الجزائيَّة؛ لوجود قضيَّة سابقة منظورة أمامها، فيما نوَّهت الدائرة بتمكُّن فريق الهيئة من تنفيذ أمر القبض بحقّ اثنين من المُتَّهمين: هما مدير الرقابة الماليَّة السابق، ومعاون مدير القسم القانوني في مُديريَّة كمرك المنطقة الجنوبيَّة”.
ولفتت الدائرة، إلى أنَّ “إجراءات التقصّي والتحرّي والمتابعة والتدقيق والتحقيق لا تزال مستمرةً، وأنَّ المبالغ التي أعلن عن سرقتها أو اختلاسها لا تمثل المبلغ النهائي، إذ سيتمُّ الإعلان عن المبلغ الكلي بعد الانتهاء من إجراءاتها في القضيَّة”.