قالت السفيرة الأميركية في بغداد ألينا رومانوسكي، إن الولايات المتحدة "لن ترحل عن المنطقة"، مؤكدة أن العراق "يمثل أهمية استراتيجية كبيرة لدى واشنطن"، وأن "العراقيين لا يريدون دولة تسيطر عليها ميليشيات".
وأضافت ألينا رومانوسكي في مقابلة تلفزيونية وتابعتها الرشيد: "قبل نحو عام، وبالضبط في يوليو الماضي، زار الرئيس الأميركي جو بايدن السعودية، والتقى بزعماء المنطقة، وأوضح بشكل جلي أن الولايات المتحدة لن ترحل عن المنطقة، فهي تعتبرها ذات أهمية استراتيجية، وتربطنا علاقات قديمة وطويلة في مجالات السياسة والاقتصاد والثقافة والتعليم".
وتابعت: "عملنا مع شركائنا في المنطقة لوقت طويل من أجل مواجهة عدد من التحديات، خصوصا لوضع حد لمختلف الأزمات في المنطقة. واضح إذن أن الولايات المتحدة ستظل موجودة بالمنطقة وستبقى مهتمة بتعميق شراكاتها مع دولها، خصوصا مع العراق".
وفيما يتعلق بالوضع في العراق، ورغبة الشعب في الاستقرار، قالت: "عندما أخرج وأتحدث إلى العراقيين، يتبين لي بوضوح شديد أنهم لا يريدون دولة تسيطر عليها الميليشيات، بل يريدون نزع السلاح من أيدي الميليشيات وإعادتها للدولة، ذلك، مهما تكن طبيعة علاقة رئيس الوزراء مع هذه الجماعات المسلحة والفصائل، فإن الهدف يجب أن يبقى منصبا على ضمان تمتع العراق بالاستقرار والأمن، وهو هدف منوط تحقيقه برئيس الوزراء".
"وأضافت، أن"هذا الاستقرار ستستفيد منه حتما الولايات المتحدة والمجتمع الدولي.. جميعنا لا يمكننا جلب الأعمال والانخراط على نطاق أوسع إذا لم يكن هناك استقرار وأمن في العراق".
واشارت إلى، أنه"كل ما عليَّ فعله هو النظر عبر نوافذ مبنى مجمع سفارتنا لنرى الحجم الضخم للمباني التي يجري تشييدها.. وأرى أن شركاتنا تزدهر، وهناك الكثير من رجال وسيدات الأعمال العراقيين الذين يرغبون في رؤية المزيد من الشركات تستثمر في العراق".
وتابعت، أنه"بفضل الاستقرار الذي أصبح العراق يتمتع به، بدأ العراقيون في الشتات يعودون من أجل الاستثمار وعرض فنونهم وأعمالهم. هناك بيئة إيجابية جدا تزخر بالفرص، والفضل يعود في هذا إلى الاستقرار السائد حاليا، وإلى الأمن الذي أصبح يعم العراق، خاصة بغداد".
ولدى سؤالها عن حملة محاربة الفساد التي تشنها السلطات العراقية، قالت رومانوسكي: "نسعى إلى مواصلة دعم رئيس الوزراء محمد السوداني في التزامه باستئصال الفساد وغسيل الأموال بالعراق، فالخطوات التي اتخذناها ولا نزال مع المصرف المركزي العراقي ومع باقي البنوك هنا، تهدف لضمان تقوية النظام البنكي الدولي بالعراق وتهدف أيضا للتحقق من أن البنوك تملك آليات الامتثال اللازمة لمنع حدوث غسيل الأموال وتهريب الدولار إلى خارج العراق، ولضمان أن تشعر الشركات العراقية بالثقة، وأن يثق الجمهور العراقي بأن لديهم نظاما بنكيا يحمي مدخراتهم ومواردهم المالية".
وبينت، أن"المطلوب هو احترام البنوك للمعايير الدولية، واستبعاد كل الفاعلين الخبثاء الذين قد يستخدمون النظام البنكي الدولي لغسل الأموال. هذا ما انصب عليه التعاون بين وزارة الخزانة والنظام المالي العراقي منذ وقت طويل".
وعن أزمة المياه التي يشهدها العراق، ردت السفيرة الأميركية لدى العراق قائلة: "هذا الموضوع مبعث قلق حقيقي للعراقيين وللحكومة. نعرب عن استعدادنا ورغبتنا في العمل مع الحكومة والشعب العراقي، لتشارك أفضل ممارساتنا بهدف تحقيق كفاءة أكبر باستخدام المياه ونحث حكومة العراق على بدء حوار بنّاء مع البلدان المجاورة، التي تعتبر دول المصدر للمياه العراقية، وذلك لمحاولة التوصل إلى تفاهم أفضل حول كيفية تقاسم موارد المياه".
وتطرقت المسؤولة الأميركية إلى الهجمات التي تشنها تركيا على مواقع لحزب العمال الكردستاني (التي يقع بعضها في العراق)، قائلة: "نتشارك مع تركيا قلقها بشأن الهجمات التي يشنها عليها حزب العمال الكردستاني، ونشجع تركيا والعراق على العمل معا والتعاون في مكافحة الإرهاب، لاستعادة الاستقرار للأماكن المستهدفة بالهجمات الإرهابية".
ولدى سؤالها عن تنظيم داعش في العراق والجهود المبذولة في إطار محاربته، أوضحت السفيرة الأميركية: "سعدنا بتأكيد رئيس الوزراء أنه يحب العمل مع الولايات المتحدة، وأنه يرى أن العمل الذي نبذله لضمان هزم داعش لا يزال مهما جدا. جهودنا ستستمر حتى نتيقن من أن جميع عناصر داعش قد هُزموا، بمن فيهم الفلول".
واستطردت: "واثقون أنه تربطنا بالعراق علاقات متنامية ومهمة في القضايا الأمنية، وسنواصل العمل معا في هذا الاتجاه وما زلنا نعتقد إلى جانب حكومة العراق أنه ما زالت هناك جيوب من مقاتلي داعش، وهذا يمثل تحديا مستمرا لأمن واستقرار المنطقة.
سنواصل عملنا كشركاء لمواجهة هذا التهديد الداخلي في العراق وستستمر الولايات المتحدة في العمل على ضمان ألا يظل داعش تهديدا للمنطقة وللعالم على حد سواء، لهذا لا أعتقد أننا في موقع يسمح لنا بالقول إن داعش قد انتهى أمره".
"وتابعت: "يمكننا القول، ومن العراق والمنطقة تحديدا، إن لدينا شراكة قوية تتقاسم معنا رؤيتنا التي تفيد بأن عملنا في إطار التحالف الدولي لهزم داعش لا يزال مهما جدا. ما زلنا نجري اجتماعات وزارية سنوية حول هذا الموضوع، فضلا عن تركيزنا على كيفية ضمان إعادة إدماج الضحايا من أقارب داعش في مجتمعاتهم وعيشهم ضمنها بأمان".
وتحدثت رومانوسكي عن العلاقات التي تجمع بلادها بالعراق، قائلة: "الولايات المتحدة ملتزمة جدا باستقرار العراق وسيادته. العراق في موقع محاط بالكثير من الجيران، وكدولة لها العديد من البلدان المجاورة بما فيها إيران، فإنها ترتبط بعلاقات مع جيرانها، في المجالات الاقتصادية والسياسية وغيرها وأميركا تركز أساسا على ضمان أن تكون للعراق سيادته، وأن يتخذ قراراته بشكل مستقل، بما يخدم مصلحة ليس الحكومة فقط، وإنما الشعب العراقي أيضا".
وأشارت إلى، أن"ما حققناه هنا بعد وجودنا في العراق منذ 20 عاما، هو عبارة عن مسار مستمر. نركز كثيرا في الوقت الراهن على المستقبل، سواءً في تعاملنا مع رئيس الوزراء أو الحكومة، وعلى ما يمكننا مواصلة بنائه مع الشعب العراقي وبشراكة معه ومن المهم جدا بالنسبة لنا اعتبار العراق بلدا له أهمية استراتيجية كبيرة، ومنخرطا في دعم استقرار المنطقة وأمنها وتنميتها الاقتصادية. ومن هذا المنظور، أعتقد أننا في الطريق الصحيح لتوسيع نطاق علاقاتنا وفق الاتفاق الإطاري الاستراتيجي الذي تفاوضنا بشأنه واتفقنا عليه عام 2008".
وأوضحت، أنه""خلال الأعوام القليلة الماضية، بسبب جائحة كورونا والتحديات الأمنية وتلك المرتبطة باستقرار العراق، كنا نركز أكثر على القضايا الأمنية، ونحن اليوم في موقع يتيح لنا العمل مع حكومة السوداني، لمساعدته على تحقيق أهداف أجندته على مستوى تعزيز العمل في مجالات الأمن والاقتصاد والثقافة، والإسهام في ضمان تمتع العراق بعلاقات قوية وجيدة مع جيرانه في المنطقة، خاصة مع بلدان مجلس التعاون الخليجي والأردن، والدول الأخرى ونتطلع للمستقبل.. وبدأنا نقاشات عديدة في الاقتصاد ونسعى بحماس إلى زيادة تعاوننا الاقتصادي والتجاري، وعملنا على تحقيق الاستقلال في مجال الطاقة في العراق، وتعزيز التبادل الثقافي الذي ينتظرنا فيه الكثير من العمل".
وأضافت: ""بدأنا تحديد مجالات النقاش الجديدة في إطار الاتفاق الأعلى للتعاون التشاوري في فبراير، عندما سافر رئيس الوزراء مع وفده إلى الولايات المتحدة ومن بين المجالات الجديدة والمهمة، ليس للعراق فحسب وإنما للولايات المتحدة والمنطقة والعالم أيضا، هو العمل على مواجهة التغير المناخي، فآثار الجفاف وشح المياه وضعف جودة الهواء واضحة جدا على الحكومة والشعب معا ومن أجل تطبيق أية حكومة لرؤيتها، لا بد من وجود الاستقرار والأمن. طبعا يمكن التقدم والعمل على تعزيز علاقاتنا بعد أن صار العراق يتمتع بالاستقرار الذي كان ينشده الشعب العراقي".