لا تزال الكارثة التي ضربت جنوبي تركيا وشمالي سوريا تلفت انتباه الخبراء حول العالم لتقييمها من ناحية علمية، وكان رئيس المعهد الوطني الإيطالي للجيوفيزياء والبراكين البروفيسور كارلو دوغليوني قال في تصريح للصحافة الإيطالية إن الزلزال الأخير تسبب في تحرك جانب من صفيحة الأناضول -التي تقع عليها تركيا- نحو 3 أمتار نحو الغرب.
هذا غير مؤكد بالطبع؛ فالنتائج النهائية لهذا الزلزال سيتم تحديدها بعد الاطلاع على بيانات الأقمار الاصطناعية، إلا أن هذا النوع من التحركات ممكن بالفعل في الصفائح التكتونية.
طبيعة الصفائح الأرضية
لفهم الأمر، يمكن أولا أن نبدأ بتخيل أن الأرض ثمرة تفاح ضخمة، هنا ستكون طبقة القشرة الأرضية هي قشرة تلك التفاحة الرقيقة، لكنها في الحقيقة بسمك يتراوح بين 30 و70 كيلومترا في قارات الأرض.
إلا أن القشرة الأرضية تختلف عن قشرة التفاحة، فهي لا تمتد على الكرة الأرضية ككتلة واحدة متصلة، لكنها تتكون من 20 قطعة متداخلة في ما بينها تسمى الصفائح التكتونية، وتشبه في تداخلها قطع البازل أو الأحجية التي تحتوي على صورة يجب أن تكملها قطعة قطعة.
تسبح تلك الصفائح التكتونية أعلى طبقة الوشاح الأرضية، وتتحرك بمسافة ضئيلة جدا كل عام (من 1 إلى 20 سنتيمترا) اقترابا أو ابتعادا من بعضها أو احتكاكا في ما بينها.
احتكاك خطير
مع اقتراب صفيحتين تكتونيتين من بعضهما في أحد الأماكن فإنهما تحتكان معا فترة من الزمن وتخلفان ما يسميه العلماء “الفالق”، وقد تنزلقان عن بعضهما، لكنهما في بعض الأحيان تتداخلان بشدة وتضغطان على بعضهما فترة، مما قد يحدث زلزالا.
ويفترض دوغليوني أن زلزال كهرمان مرعش حدث في منطقة احتكت فيها صفيحتان تكتونيتان بشدة، ومع انفلات الضغط بينهما تزحزحت أطرافهما مسافة 3 أمتار.
مناطق نشطة
وهذا رقم معقول في الحقيقة، لأن ذلك قد حدث من قبل؛ فخلال زلزال سان فرانسيسكو عام 1906 تزحزحت منطقة الزلزال نحو 6 أمتار، وفي تركيا نفسها تزحزح صدع الأناضول خلال زلزال إزميت عام 1999 أكثر من 2.5 متر.
وتقع كل من تركيا واليونان في منطقة زلزالية “نشطة للغاية” بسبب الحركات المعقدة بين 4 صفائح تكتونية، حيث تتحرك الصفيحتان الأوراسية والعربية باتجاه بعضهما، فتدفعان صفيحة الأناضول الصغيرة باتجاه الغرب. ويرجع الانضغاط في هذه المنطقة أيضا إلى الحركة باتجاه الشمال للصفيحة الأفريقية.
يتسبب ذلك في نشأة خطّي احتكاك كبيرين: الأول هو فالق شمال الأناضول، والثاني هو فالق شرق الأناضول، والزلزال الأخير وقع بسبب انزلاق بين جانبي فالق شرق الأناضول.
ووفقا لعلماء الزلازل، فإنه بسبب هذين الفالقين يظل احتمال حدوث زلازل كبيرة في المنطقة مرتفعًا جدًا بسبب مستويات الضغط المرتفعة بين الصفائح التكتونية.