تطرق قضاة متخصصون الى التشريعات العراقية التي تناولت مكافحة ممارسة القمار وألعاب الأموال، مؤكدين الحاجة الى قوانين جديدة لردع هذه الجريمة، فيما اشاروا الى أن الكثير من المطاعم والمقاهي تمارس لعب القمار في الخفاء بغطاء أصولي.
يقول القاضي فراس محمود إن ظاهرة القمار قديمة وخطيرة وغالبا ما سبب انتشارها التفكك الأسري والعنف والكثير من الجرائم وقد حرم الإسلام القمار تجنبا لتلك المشاكل، ويمكن تعريف القمار حسب المصطلحات القانونية والتشريعية بأنه "الأنشطة الترفيهية والألعاب بين متنافسين على مال يجمع منهم ويوزع على الفائز منهم ويحرم الخاسر"، وتفصيلا لهذا التعريف يطلق لفظ القمار على جميع الألعاب والممارسات التي تشمل الرهانات والنرد والعاب الورق التي تتم بالاتفاق على أموال الرهان عليها بحيث يجمع الفائز كل الأموال.
وأضاف محمود هناك العديد من الدول تحظر لعب الأقمار بمختلف أشكاله لأسباب أخلاقية ودينية واجتماعية وحتى اقتصادية، وكما تتوفر هناك العديد من صور وأنواع القمار منها (لعب الورق، والنرد، والعاب المائدة في الفنادق والملاهي، مثل الروليت والبوكر التي تلعب على المائدة وتدار من شخص أو أكثر).
وتابع محمود أن المشرع العراقي قد عاقب على جريمة الأقمار في قانون العقوبات العراقي رقم 111في 1969المعدل حيث نصت المادة 389على أن "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وغرامة لا تزيد على مائة دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من فتح محلا أو دارا لألعاب القمار واعده لدخول الناس وكذلك من نظم ألعابا من هذا القبيل في محل عام أو محل مفتوح للجمهور محل أو منزل اعد لهذا الغرض".
وعرج محمود على أن مبلغ الغرامة قد تم تعديله بموجب قانون تعديل رقم 6 لسنة 2008 ، حيث أصبحت الغرامة لا تقل عن خمسين ألفا ولا تزيد عن مائتي دينار، ويعاقب بالعقوبة ذاتها صيارفة المحل ، ويعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن شهر أو بغرامة لا تزيد على خمسين دينار من وجد يلعب القمار في المحلات ، و قد عاقب صيارفة المحل الذي تم فيه لعب القمار وكذلك عاقب الأشخاص الذين يلعبون القمار".
أما الفقرة (4) من المادة (389) عقوبات فقد نصت على ان "تضبط النقود والأدوات التي استعملت في اللعب ويحكم بمصادرتها" ، إما الفقرة (5) فقد نصت "للمحكمة إن تحكم أيضا بغلق المحل مدة لا تزيد على سنة " ، تجدر الإشارة إلى إن مجلس قيادة الثورة المنحل اصــــدر قرارين تشريعيين بشان لعب القمار، فالقرار الأول /المرقم 203في 12/9/2001" قضى بعدم قبول شهادة من حكم عليه نهائيا وفق إحكام المادة (389) عقوبات ، إمام المحاكم أو إمام إي جهة أخرى وجوز قبول الشهادة إذا كانت هي الدليل الوحيد في الدعوى الجزائية" ، إما القرار الثاني / بالرقم 27لسنة 2003 قضى" بمعاقبة عدد من المسؤولين المعينين بصفاتهم الوظيفية كل موظف بدرجة مدير عام فأعلى والضابط في القوات المسلحة والموظف في جهاز المخابرات والقاضي وعضو الهيئة التدريسية في الكليات والمعاهد والمدير في المدارس وأعضاء مجلس النواب حيث تم معاقبتهم بالحبس لمدة ثلاث سنوات إذا مارس لعب الأقمار بقصد كسب المال ويفصل من وظيفته".
وأتم القاضي حديثه قائلاً إن "الحكمة من تجريم القمار الحد من صيرورة القمار نشاطا منظما ومعدا له مكان يجمع شمل المغامرين حتى لا يصبح هؤلاء أثرياء على حساب دمار غيرهم أو مدمرين لإثراء غيرهم ، وتجد من الضرورة تدخل المشرع العراقي بتعديل المادة (389) من قانون العقوبات وتشديد العقوبة لمرتكبين هذه الجريمة الخطرة.
ومن جانبه القاضي محمد سلمان القاضي الأول لمحكمة تحقيق الكرخ قــــال شهد العراق في الآونة فتح عدد كبير من المحلات والأماكن تمارس فيها جريمة لعب القمار وتختلف أعداد أماكن لعب القمار باختلاف المنطقة أو المحافظة ففي بعض المحافظات لا تتواجد فيها أماكن لممارسة القمار وأما البعض الأخر فيوجد فيها عــــدد كبير منها والسبب في ذلك هو عدم ممارسة الأجهزة الأمنية لدورها في الرقابة على هذه الأماكن " إضافة إلى إن الواقع الاجتماعي في بعض المناطق يفرض عدم السماح بفتح أماكن لعب القمار".
وأكد سلمان إن مسألة فتح مكان لممارسة القمار ممنوع قانوناً ولا يجوز لأي جهة منح إجازة أو موافقة لفتحه كون إن الفعل يشكل جريمة قانوناً وفق إحكام المادة (389) من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 وبالتالي فأن من غير الممكن تواجد أماكن مخصصة للعب القمار إلا انه لوحظ إن هناك استغلال بعض الأماكن التي يتم منحها إجازة أصولية في الظاهر ولكن يتم استغلال المكان لممارسة القمار كما هو الحال بممارسة القمار في فندق أو احد المقاهي والتي تكون الموافقات هي مجرد غطاء لممارسة هذه الجريمة بشكل سري " .
وأفاد سلمان لوحظ من خلال الإحصائيات لأعداد القضايا إن هناك ارتفاع مستويات هذه الجريمة بشكل ملحوظ ويعود ذلك إلى استغلال الوضع الأمني وانشغال القوات الأمنية بأعمال أخرى إضافة إلى إن بعض الجهات الأمنية لا تقوم بواجبها بهذا الخصوص " والواقع إن الأموال المستحصلة عن جريمة القمار يتم مصادرتها عند ضبطها كونها ناشئة عن جريمة وذلك استناداً لإحكام المادة (389 /4) من قانون العقوبات " كما إن القانون أجاز للمحكمة القيام بغلق المحل مدة لا تزيد عن سنة إذا ثبت استغلاله لممارسة القمار.