أكد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، اليوم السبت، الحاجة لرؤية حل وحوار وطني شامل لحل الأزمات في العراق.
وألقى وزير الثقافة حسن ناظم كلمة لرئيس الوزراء خلال مشاركته نيابة عنه في مراسيم استقبال رفات ضحايا الأنفال البرزانيين قال فيها: “أقف بإكبار في محضر قيم الشهادة، ومعاني أنْ تفتخر الأمم بتأريخها النضالي، وتحول تضحيات شعبها إلى فعل وإنجاز”.
وأضاف، “قدم شعب العراق تضحيات غالية وكبيرة على امتداد تأريخه في مواجهة السلطات الدكتاتورية الجائرة، وسوء الإدارة، والظلم، والتمييز، والإجحاف من أجل ماذا؟ من أجل الكرامة الإنسانية والوطنية والأخلاقية، ومن أجل بناء فرص حياة للأجيال القادمة، وليس من أجل مغانم سياسية”.
وتابع، “عندما أقف هنا في حضرة شهداء الأنفال تغمرني مشاعر إنسانية حقيقية، فقد كنت من بين أوائل من قدم شهادات دولية حية عن تلك الجريمة المرعبة التي ارتكبها النظام الدكتاتوري ضد شعبنا، وقد عشت وسط هذا الشعب الطيب في جبال كردستان وتسمرتْ عيناي بعيون أطفال ونساء ورجال أعدموا بلا ذنب سوى أنهم أرادوا العيش بكرامة”.
وزاد، “لقد ضحى شعبنا في البصرة وذي قار والنجف وبغداد والأنبار والموصل وكردستان ونزف دما عراقيا طاهرا، لا من أجل أن نذرف الدموع اليوم، بل ضحى شعبنا وفقد خيرة شبابه في سيرته النضالية المشرفة، وفي الحروب العبثية، وبمواجهة الإرهاب، وخلال المطالبة بحقوقه المشروعة؛ من أجل دولة العدل والمواطنة، ومن أجل أن يكون قادته بمستوى المسؤولية، وأن لا يكرروا أخطاء الماضي، وأن لا يستهينوا بقيمة الدم ومعناه، وثقله في الضمير الإنساني”.
وأضاف رئيس الوزراء قائلاً: “أشعر بالأسف أن يتناسى بعضهم كل هذه القيم السامية، بل أن ينسى بعضهم حتى تأريخه النضالي الشخصي، وأن يقبل أنْ يتسابق لنيل الكراسي، والمناصب، والمحاصصة، والمحسوبية، ومحاولة تحويل حكم العراق إلى غنيمة، وأشعر بالخجل أمام هذه التضحيات الجسيمة لشعبنا وهو يشهد العجز السياسي المستمر والمتكرر لسنوات عن ترجمة نتائج الانتخابات إلى فعل سياسي على الأرض، وإلى مناسبة للتلاقي والتعاون لبناء البلد، وليس مناسبة للشقاق، والخلاف، والانقسام.
وعن الوضع السياسي وعمل الحكومة أكد الكاظمي، “قلت للنخب السياسية عند تكليفي بتشكيل الحكومة عام 2020، إن الدم العراقي الطاهر الذي سال في تشرين هو امتداد لكل تضحيات شعبنا، وأن الواجب التأريخي يحتم على الجميع أن يضع الحلول للأزمات الاجتماعية من خلال معالجة الأزمات السياسية أولا، وأن لا يسمح بتحول الخلافات بين أشخاص أو توجهات إلى سبب في أي أزمة اجتماعية جديدة”.
وأضاف، “للأسف، بعضهم ممن يفتقر إلى المصداقية التأريخية، وممن ينظر بعين ذاته إلى الآخرين، شكك منذ اللحظة الأولى في كل مقصد نبيل، واعتقد أن السياسة هي مغامرة، وتنمر على المخلصين، واستعراض عضلات، ولم يتمكنْ من أن يفهم السياسة مسؤولية جسيمة أمام الشعب وتضحياته وتأريخه ومستقبل أجياله”.
وزاد، “ولهذا قلت لإخوتي إننا لن نرد على الافتراءات وحملات التشويه الباطلة إلا بالعمل الصادق، ولن ننجر إلى المهاترات والاتهامات الصبيانية، ولن نهتم بمن يحاول أن يسقط أزماته الشخصية أو الحزبية أو السياسية على الحكومة وعلي شخصيا، فالأساس أننا جئنا في مهمة محددة لخدمة شعبنا، ولا وقت لدينا لنضيعه في جدالات، وحفلات جنون، واستعراضات شخصية، وحسابات ضيقة، ولدينا المتسع الكافي بعد أن نكمل مهمتنا، ونسلم الأمانة إلى الحكومة القادمة التي تنتجها الانتخابات”.
وأشار إلى أن “المسؤولية الوطنية تحتم على الجميع في هذا الظرف الحساس أن يفتحوا باب الحوار الصريح والشفاف؛ لحل الانسداد السياسي الحالي. نحتاج إلى رؤية حل، وليس وصفة صراع وصدام وانتكاسات. نحتاج إلى أن تتقدم الحكمة على الأهواء والانفعالات، والحوار الوطني الشامل هو الطريق الوحيد لحل أزماتنا، واستعادة الثقة بين القوى السياسية هو مقدمة لاستعادة شعبنا ثقته بالديمقراطية والانتخابات”.
وأكد أن “شعبنا قلق من حالة التوتر السياسي الحالي ومحاولات جر مؤسسات الدولة والمؤسسات الأمنية للدخول في حلبة سجال سياسي واتهامات وافتراءات بين مختلفين سياسيا، وزمن الخلاف السياسي قصير مهما طال ومهما كانت نتائجه مؤلمة. لكنْ، زمن الدولة طويل، ويجب الحفاظ على الدولة ومؤسساتها”.
وأشار إلى أن “العراق ومستقبل هذا الشعب أمانة في أعناقنا.. ونحن مسؤولون أمام كل التضحيات التي قدمها هذا الشعب، وفي هذه الأرض الطيبة والخيرة التي عانت وقدمت تضحيات غالية لعقود طويلة، ورسخ في وجدان شعبها حب الحرية والعدالة، لم يرضخ أهلها لدكتاتور عات، ولا لأفكار ظلامية، إنها جبال ووديان سقيت بدماء طاهرة لا بد من أن يجد أبناؤها ثمرة هذه التضحيات حرية وعدالة وحقوقا. وهذه الرفات لا تنسى ولا تموت، بل تبقى شامخة كجبال هذه الأرض، الرحمة والخلود لشهداء الأنفال، وكل شهداء العراق”.