الطلاق في اللغة كلمة مشتقة من فعل طلق والتي تعني حرر وفك القيد، فيما يعرف الطلاق اصطلاحا على أنه ذلك الانفصال الواقع بين طرفي عقد الزواج، ويرى قضاة أن هناك مجموعة من الأسباب والدوافع لحدوث واقعة الطلاق الامر الذي يؤدي إلى ضياع الأسرة وتشتت الأبناء والتي يجب الوقوف عليها لمناقشتها للحد من تلك الظاهرة الخطيرة.
وناقش نائب رئيس محكمة استئناف بغداد / الكرخ الاتحادية القاضي صلاح دريب وبحضور عدد من قضاة الأحوال الشخصية في مقر استئناف الكرخ وإعلاميين ومنظمات مجتمع مدني أسباب الطلاق التي من شأنها زيادة نسبها في أروقة المحاكم العراقية.
وقال نائب رئيس استئناف بغداد الكرخ الاتحادية القاضي صلاح دريب إن "على الجميع الوقوف لمعرفة الأسباب الحقيقية للطلاق، وأن يكون ذلك منطلقاً للنقاش والتي من أبرزها التدخلات التي تحصل من قبل أهالي الطرفين، وسوء الحالة المادية فضلاً عن قلة ثقافة بناء الأسرة، إضافة إلى سوء استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، مشددا على عوامل هامة يجب التركيز عليها ومن ضمنها عملية الاختيار والتي تعد حجر أساس العلاقة الزوجية الناجحة بين الطرفين".
وعن سؤاله بوجود مكاتب بالقرب من بعض المحاكم تضع عبارات (مكتب لعقود الزواج والطلاق) أوضح القاضي صلاح دريب بأنه "لا يوجد رجل دين مخول من مجلس القضاء الاعلى بإبرام عقد زواج أو إيقاع طلاق فهذا من شأن المحكمة حصرا، ولا يجوز لأحد اخذ دورها"، مبينا أن "للقضاء النظرة الاشمل فهو صمام أمان الأسر كونه يحافظ على الاسرة من التفكك ويحرص على أن يكون الاطفال بين والديه تحت خيمة البيت الواحد".
من جانبه ذكر القاضي احمد كمال منصور القاضي الاول لمحكمة الاحوال الشخصية في الكرخ أن "اسباب الطلاق لا يمكن حصرها في جلسة واحدة نظرا لتشعبها ولكن يمكن تقسيمها إلى اسباب مباشرة وأخرى غير مباشرة، فالاسباب المباشرة قد تكون بسبب الحالة المادية التي يصعب لرب الاسرة أن يوفر حياة كريمة لأسرته فضلا عن الخيانة الزوجية، أو سوء استخدام مواقع التواصل الاجتماعي والتي تلقي بظلالها على الحياة الزوجية إضافة إلى اسباب أخرى".
وأضاف القاضي احمد كمال أن "القضاء كان ولا يزال العامل الاساس في عدم هدم اركان بيت الزوجية وهذا ما نلتمسه اليوم في اروقة المحاكم من تأخير في حسم دعاوى الطلاق للوصول إلى الصلح وعدم تفكك الأسر".
إلى ذلك أوضح القاضي حسن عبد الجبار القاضي الأول لمحكمة الأحوال الشخصية في البياع أن "هناك اسبابا غير مباشرة لحدوث الطلاق ومنها تدخل اهل الطرفين وما ينتج عن تدخلاتهم من مشاكل تصل منحدراتها إلى وقوع الطلاق"، لافتا إلى أن على اهل الزوج والزوجة الدور الكبير في تقويم الحياة الزوجية كون لديهم باع طويل في التصرفات السليمة والحكيمة من خلال خبرات السنين وأن لا يكونوا سببا في دمار الاسرة بمشاكل يكون ضحيتها الاسرة والأطفال".
وفي الصعيد نفسه أشار الباحث الاجتماعي وسام علي إلى أن "مكتب البحث الاجتماعي يجتهد في اصلاح الطرفين في كل الدعاوى التي تعرض عليهم"، مبينا أن "تفكيك المشاكل وايجاد الحلول السليمة بين الطرفين هو الهدف الذي يسعى من خلاله الباحث الاجتماعي لإصلاح ذات البين وعدم وقوع الطلاق بينهم".
فيما تحدث عدنان محمد احمد مسؤول شعبة العلاقات العامة في منظمة الابداع والاحسان بأن "القضاء هو الطرف الذي يعتمد عليه في إزالة المشاكل وحل المشاحنات كونه الركن العادل في المسائل التي تخص الاحوال الشخصية وأن منظمات المجتمع المدني تدعم الحالات التي يمكن من خلالها التعاون مع مجلس القضاء الاعلى للوصول إلى بر الامان".
من جهتها ذكرت ميسون ستار رئيس منظمة خير النساء بأن "أغلب حالات الطلاق سجلت في محاكم الاحوال الشخصية كانت قد اتم فيها رجل الدين وقوع الطلاق خارج المحكمة،وبالتالي يكون على السيد قاضي محكمة الاحوال الشخصية بأن يصدق تلك الواقعة وبهذا يكون القضاء أمام خيار واحد لا أكثر".
فيما أشاد الحاضرون بدور قضاة الاحوال الشخصية في سلامة الاجراءات واعطاء اطراف الدعوى الوقت الكافي للتفكير في مستقبلهم وذلك لعدم هدم الاسرة وضياع مستقبل اطفالهم، فيما شددوا على أن يكون لوسائل الاعلام ومنظمات المجتمع المدني الدور الاكبر في توعية الشباب والشابات المقبلين على الزواج والنزول إلى الميادين التي تتواجد فيها هذه الشريحة وعلى سبيل المثال الكليات والمعاهد من خلال اقامة ورش وندوات تثقيفية وتوعوية تلقي بظلالها على ترسيخ معاني بناء اسرة تشارك بنجاحها لبناء المجتمع".
فيما كشف مجلس القضاء الاعلى عن إحصائية دعاوى الطلاق لعام 2021 لرئاسات محاكم الاستئناف عدا اقليم كردستان والتي وصلت إلى ثلاث وسبعين الفا وثلاثمائة وتسع وتسعين (73399) دعوى، وتصدرت رئاسة محكمة استئناف بغداد الرصافة المشهد بدعاوى الطلاق للمحاكم التابعة لها بعدما وصلت إلى ثلاث عشرة الفا وثمانمئة وثلاث دعاوى (13803)، فيما جاءت محاكم الكرخ المنضوية لرئاسة استئناف بغداد الكرخ الاتحادية في المركز الثاني بـثلاث عشرة وثلاثمائة الف وثلاث وستين دعوى (13363)، تلتها رئاسة محكمة استئناف البصرة الاتحادية ثالثا بسبعة الاف وثلاثمائة وسبع عشرة دعوى (7317).