أعلن وزير المالية علي علاوي، اليوم الاربعاء، ان تغيير سعر الصرف منع تسريح الاف الموظفين.
وقال علاوي في بيان تلقته”الرشيد”، انه “في الاسابيع القليلة الماضية، كانت هناك تصريحات بين كبار الشخصيات السياسية بشأن سعر الصرف المناسب”، مبينا ان “وزارة المالية عالجت هذه المسألة عدة مرات وفي عدد من العروض التفصيلية فيما يتعلق بالاستراتيجية والسياسة الكامنة وراء تعديل سعر الصرف”.
واضاف “نأمل من خلال عرض سياستنا بطريقة واضحة ومقنعة، ان يكون لدى الحكومة القادمة المعلومات الاساسية الصحيحة للتفاعل مع هذا الامر”، مشيرا الى ان “صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وجميع الدول الصناعية دعموا تغيير سعر الصرف في وثائق وتقارير منشورة”.
وتابع ان “الهدف من تخفيض سعر الصرف في كانون الاول 2020، جاء بهعد انهيار عائدات النفط العام الماضي، حيث كانت الحكومة العراقية تواجه ضغوطا تمويلية هائلة بينما كانت تكافح للوفاء بالتزاماتها الداخلية والخارجية الاساسية، واحتياطيات النقد الاجنبي للبنك المركزي كانت في مسار هبوط سريع، وفي كانون الاول 2020 ، كان من المتوقع أن تنفذ في غضون عام، وكان تأرجح العراق على شفا أزمة شاملة هو أحد أعراض الضعف الذي طال أمده أمام انخفاض أسعار النفط، ولم تكن جهود الحكومة لتأجيل كل الانفاق غير ذي الاولوية والتركيز على دفع الرواتب في الوقت المناسب والمعاشات التقاعدية والمعونات الاجتماعية كافية”.
وبين ان “سد العجز المالي الكبير للغاية دون تخفيض قيمة العملة كان يتطلب تخفيضات عميقة ومؤلمة في النفقات الاجتماعية وتسريح الاف الموظفين، الا ان تخفيض قيمة العملة ضروري للسماح بتعديل مالي أكثر تدريجياً وبالتالي تجنب الاضطرابات الكبيرة في الخدمات العامة الرئيسية، من خلال تشجيع الاستهلاك المحلي على الابتعاد عن الواردات”، لافتا الى ان “تخفيض قيمة الدينار ساعد أيضاً على حماية احتياطيات البنك المركزي العراقي من النقد الاجنبي ومنح المنتجين العراقيين فرصة لخلق فرص عمل ودخل من خلال المنافسة الافضل في السوق المحلية”.
وبشأن امكانية رفع قيمة الدينار بعد ارتفاع أسعار النفط، ذكر علاوي “على الرغم من أن تخفيض قيمة العملة في العام الماضي واستعادة أسعار النفط قد ساعد على تحسين الوضع المالي للعراق، فمن الاهمية أن نأخذ في الاعتبار أن البلد لا يزال ضعيفاً للغاية، ويمكن أن تتحول الفوائض الحالية إلى عجز مع عودة أسعار النفط إلى وضعها الطبيعي على المدى المتوسط، وقد يؤدي حدوث انكماش آخر في سوق النفط بسهولة اعادة البلاد إلى شفا أزمة”، موضحا ان “استعادة الاقتصاد العراقي قوته الكاملة ويكون مستداماً، فيجب أن تكون السياسات الاقتصادية موجهة نحو تحسين المرونة في مواجهة تقلبات أسعار النفط من خلال بناء مصدات مالية وتنويع الاقتصاد”.
وبين ان “إعادة تقييم الدينار سيكون له تأثير معاكس، وهناك أسباب وجيهة لندرة إعادة تقييم أسعار الصرف الثابتة، فعلى سبيل المثال في عام 2005 ، أعادت الصين تقييم عملتها استجابة لضغوط شديدة من الولايات المتحدة التي هددت بفرض رسوم كمركية على الواردات، ما هي العواقب الرئيسية لرفع قيمة العملة، وهل ستساعد الفقراء؟.. ستؤدي إعادة التقييم إلى خفض قيمة الدينار لعائدات النفط وبالتالي القضاء على جزء كبير محتمل من موارد الميزانية ، والتي يتم توظيفها في إعادة الاعمار، الصحة والتعليم والتحويلات الاجتماعية ومجالات أخرى ذات أولوية. ستضعف بشدة قدرة الحكومة على مواجهة التحديات الحالية والمستقبلية”، مشيرا الى ان “زيادة الطلب على العملات الاجنبية يمكن أن تزعزع استقرار سوق العملات وتؤدي إلى اتساع الهوامش العرض والطلب المستوردون هم الاكثر استفادة من إعادة التقييم”.
وتابع ان “التجارب من البلدان الاخرى تشير إلى أنه بعد إعادة التقييم ، يمرر جزءاً صغيراً فقط من هوامش ربحهم الموسعة إلى المستهلكين ويستحوذون على الجزء الاكبر منها بأنفسهم، وذلك لان الهدف التجاري المتمثل في خفض الاسعار ليس إفادة المستهلكين بل إخراج المنافسة، لا سيما المنتجون المحليون، إذا كان المنتجون المحليون يعانون بالفعل من ضغوط مالية، فسيكون حتى خفض بسيط في الاسعار كافٍ لأخراجهم من العمل”.
واشار الى انه “من المرجح أن تكون الفوائد التي تعود على المستهلكين ضئيلة، وسيكون الضحايا الرئيسيون لاعادة التقييم هم رواد الاعمال المحليون والمزارعون وعمال القطاع الخاص، وسيصبح دفع تنمية القطاع الخاص وبناء قاعدة إنتاج محلية أكثر صعوبة عندما تصبح الواردات أرخص، وللسبب نفسه لن تشعر الفئات الفقيرة والضعيفة الا بقدر ضئيل من الفائدة ، إن وجدت على الاطلاق”.
واكد ان “معظم البلدان أدركت منذ فترة طويلة أن أكثر الادوات فعالية لمساعدة الفقراء هي المساعدة النقدية المباشرة التي يتم تقديمها إلى جيوب من هم في أمس الحاجة إليها”، لافتا الى ان “ميزانية 2022 ستوفر فرصة لتقوية شبكة الحماية الاجتماعية في العراق”.
وذكر “بعد أن أصبح لدى الحكومة الوسائل للقيام بذلك إن محاولة مساعدة الفقراء من خلال رفع قيمة الدينار ستكون أشبه بإلقاء فواتير نقدية من طائرة مروحية على أمل أن تهبط على أعتاب المستفيدين المقصودين، في حين تم تعديل سعر الصرف منذ ما يقرب من عام ، فقد ربطه العديد من المعلقين غير المسؤولين بالمستويات المتزايدة للأسعار خلال العام الماضي. هذا غير صحيح”، لافتا الى ان “العراق يتأثر كما هو الحال بالنسبة لبقية العالم، بانهيار سلاسل التوريد العالمية بسبب وباء كوفيد 19”.
وتابع ان “تكاليف الشحن والنقل زادت بشكل كبير، وزادت المواد الغذائية وزيوت الطعام بشكل ملحوظ، وكذلك تكاليف مواد البناء والعديد من السلع المصنعة، بما في ذلك السيارات والشاحنات”، موضحا ان “الرأي المتفق عليه بين الخبراء الاقتصاديين هو أن سلاسل التوريد ستتم إعادة تأسيسها في المستقبل القريب وأن هذا سيكون له تأثير مثبط على الاسعر”.
واكد ان ” وزارة المالية تعتقد أن الاثار الايجابية لتعديل العملة بدأت بالظهور، وينعكس ذلك في الطلبات المتزايدة على التراخيص الصناعية في العراق ، للأستفادة من سعر الصرف الاكثر تنافسية”، موضحا ان ” العديد من المستوردين والتجار السابقين ينظرون إلى السوق المحلية بشكل مختلف الان، بهدف زيادة مستوى استثماراتهم الانتاجية، وذلك سيُترجم هذا إلى فرص عمل أكبر وأفضل لشعبنا”.